هل يدرك الأميركيون خطر التدخلات الأخرى

TT

كما لو أن الوضع غير مشتعل بما فيه الكفاية لتحرق الساحة الانباء الواردة عن دخول القوات التركية شمال العراق منذرة بحرب أخرى، وفاتحة الباب لتدخلات عسكرية اقليمية اضافية. وكما لو ان الوضع غير متفجر لتضع انقرة اصابع ديناميت جديدة في منطقة ملتهبة ومتناقضة المصالح دوليا ايضا.

ان الاميركيين مسؤولون مسؤولية كاملة، قانونية وأدبية، عن ضمان أمن العراق من التقسيم والانتهاك. والعراق اليوم وفي الاسابيع المقبلة، بل الاشهر المقبلة، سيكون مثل الفريسة الميتة المغرية لغربان المنطقة تحوم فوقها.

ولأن الولايات المتحدة ارادت بنفسها، لا من خلال الأمم المتحدة، ان تقتلع النظام المسوس وأن تنفذ ما تسميه بنزع الاسلحة المحرمة واقامة حكم مقبول وعادل وعاقل، فإنها وحدها مسؤولة عن كل ما يحدث وقد يحدث في هذا البلد.

فقد بحت الاصوات، وتحديدا الاصوات العربية، وهي توضح للاميركيين انها عندما ترفض الحرب لم تكن لتدافع ابدا عن نظام صدام حسين الذي يعتبر اكثر الانظمة كراهية في المنطقة، ولم تكن ترفض فكرة خلعه، بل كانت تخشى من ان تتحول الحرب عليه الى حرب مفتوحة الجبهات بما لا يستطيع العالم كله الامساك بها. الاميركيون، بثقة غير مفهومة، واثقون بأنهم امسكوا بحبال الأزمة وقادرون على ادارة المعركة.

الاسئلة كثيرة في مجال التدخلات. هل تستطيع الولايات المتحدة ردع تركيا التي يعتقد العراقيون انها تطمع في نفطهم الشمالي وهي البلد المحتاج جدا الى الطاقة؟ هل تستطيع ان تمنع الاشتباكات الكردية التركية والاتراك يعتقدون ان الاكراد يريدون ان يؤسسوا دولة تهدد وحدة بلدهم وهم ينوون ان يقاوموها بكل قوتهم؟ هل تستطيع القوة الأميركية منع التسرب العراقي المحسوب على ايران؟ وهل تستطيع ان تمنع التدخلات الايرانية بشكل مؤكد؟ وهل ستستطيع كبح الجماعات الثائرة مثل «انصار الاسلام»؟ وهل لديها القدرة على منع الحروب الداخلية ومنع التفكك الداخلي؟

ان كانت الولايات المتحدة تستطيع بقوتها العسكرية والسياسية وكلمتها المسموعة ان تحول دون هذا كله، فانها ستكسب تأييد فريق كبير من الناس الذين يظل اعتراضهم محصورا في مبدأ توسيع دائرة الحرب، وستضمن صمت الذين يختلفون معها في مبدأ الحرب لكنهم يتفهمون ضرورات اقصاء النظام. وحتى تكسب هذين الفريقين فان عليها ان تردع التدخل التركي اولا، لأن تركيا هي الدولة الاقوى في المنطقة المجاورة للعراق، وهي ان فتحت جبهة ستفتح ابواب جهنم على الجميع.

ان الاميركيين منشغلون تماما بحرب الداخل العراقي، وعيونهم مسمرة على النظام ومدافعهم مصوبة نحو بغداد، في حين ان الاطراف لا تقل خطورة كما ثبت في احداث «انصار الاسلام» التنظيم الصغير في كردستان العراق، وهذا ما يجعل الجميع في قلق حقيقي متسائلين ان كان الاميركيون يدركون خطر التدخلات المقبلة!