التربية الإلكترونية

TT

روايات الخيال العلمي التي كانت بعيدة جدا عن الواقع وعلى خصام دائم معه أصبحت الآن اكثر اقترابا من الحياة الواقعية التي شهدت تطورا مذهلا في عالم التكنولوجيا والهندسة الوراثية والكيمياء البيولوجية.

هذه الحقيقة التي يعلمها جيدا الكاتب بروس ستيرلينج الذي كتب تسع روايات من روايات الخيال العلمي منها ثلاث فازت في مسابقة «رواية العام» تكون الفكرة الرئيسية لكتابه الجديد «النظرة الحالية للمستقبل»، الذي يحاول فيه رسم صورة مفصلة للعالم في الخمسين سنة المقبلة.

على عكس رواياته التي يتطرق فيها الى ادوات التكنولوجيا والى ثورة الهندسة الوراثية يتحدث سترلينج في كتابه عن احوال الثقافة والسياسة والتجارة والاعمال في الخمسين سنة المقبلة. يتضمن الكتاب سبعة اجزاء يتناول المؤلف في كل جزء مرحلة من مراحل البشرية: الميلاد، التعليم، الحب، الحرب، السياسة، التجارة، ثم الكبر او العجز، مقتبسا تلك المراحل من مسرحية «كما تهوى» للكاتب الانجليزي ويليام شكسبير، حيث تتحدث فيها احدى الشخصيات في تلك المراحل السبع للبشرية التي وجدها ستيرلينج اصدق ما يعبر عن طور حياة الانسان، حيث ان الطفل يسير في طور حياته ويقابل الجديد من المنتجات والاسلحة والجرائم والاخلاقيات والمبادئ ومعطيات الاستنساخ والتحول الجيني، كما يقابل الطفل حركات سياسية واساليب جديدة تدار بها حروب المستقبل.

يتطرق كتاب «النظرة الحالية للمستقبل» الى بعض التنبؤات التي يجزم بأنه سوف يراها تتحقق، مثل الاطفال الذين تم استنساخهم ويكبرون ليصبحوا مسوخا للجنس البشري، ومثل الميكروبات التي سوف تكون موضع اهتمام العالم.

من ملامح المستقبل القريب على حد قول ستيرلينج تعلم اطفال الغد بصورة عشوائية عن طريق الانترنت اكثر من تعلمهم عن طريق الكتب، اضافة الى ان حكومات الغد سوف تكون أقل عدوانية واكثر لطفا لأنها سوف تكون في اشد الاحتياج الى دخل السياحة، اما مستقبل السياسة في اعتقاد الكاتب، فسوف يكون الطابع الغالب عليه هو الجنون بحيث يتفوق مذهب استعمال القوة لتحقيق الاغراض السياسية ويكون هو السائد بين اعضاء الشبكة العالمية الارستقراطية التي لا ينازعها احد في جني المال.

يحمل الكتاب بين صفحاته تنبؤات للمستقبل تقوم معظمها على الخيال الا ان هذه التنبؤات بدون شك اكثر اقترابا من الحقيقة من تنبؤات مؤلفي روايات الخيال العلمي في العقود الماضية، الامر الذي سيغير كثيرا من نظرة القارئ للمستقبل ويساعده على ان يرى بوضوح اكثر مكانه فيه.