بداية الوصاية الدولية

TT

في خضم الانشغال الدولي بالحرب العراقية بدأت اول خطوة كبيرة لفرض شرعية دولية على العراق، فقد جاءت المفاجأة التي مرت وسط عاصفة الحرب بهدوء لتعطي للامين العام للامم المتحدة السيد كوفي انان سلطة مالية مطلقة على العراق عن طريق نقل سلطة التصرف ببرنامج النفط مقابل الغذاء وفوائضه، من يد الحكومة العراقية الى يد كوفي انان.

القرار اعطى للسيد كوفي انان مسؤولية غذاء الشعب العراقي، والتصرف بالاموال العراقية بعد استقطاع الحصص المقررة للامم المتحدة على ضوء القرارات الدولية، ويعطي القرار للسيد انان سلطة دخول سلع بقيمة عشرة مليارات دولار للعراق.

القرار خلا من ذكر كلمة اميركا وبريطانيا، ولم يتحدث عن الحرب اصلا، وتم اقراره من دون اعتراض من روسيا او فرنسا المعترضتين اصلا على الحرب. هذا القرار له نتائج كبيرة على سير الاوضاع في العراق، وبغض النظر عن طبيعة العملية العسكرية وطبيعة حجم الاراضي التي يمكن ان توجد فيها وتسيطر عليها القوات الاميركية والبريطانية فان هذا يعطي للامم المتحدة حق توزيع الطعام والغذاء والمساعدات الانسانية الاخرى الى كل الاراضي العراقية حتى تلك التي تسيطر عليها قوات التحالف الاميركي ـ البريطاني، وهو ما يعطي لهذه القوات امكانية هائلة للتفرغ لمهماتها العسكرية وترك المهمة الانسانية المتعلقة بالظروف الانسانية للعراقيين للامم المتحدة، وهذا سيساعد الولايات المتحدة كثيرا في وقت ترفع فيه شعار انها جاءت للعراق كقوات محررة وليس كقوات غازية.

النقطة الجديرة بالاهتمام ان روسيا وفرنسا تلكأت في قبول القرار وحاولت معارضته ولكنها بعد ذلك وافقت عليه، والحكومة العراقية رفضته بقوة واعتبره محمد سعيد الصحاف مجرد حبر على ورق، ولكن المفاجأة الكبيرة ان سورية وصفت القرار بأنه «اضفاء للشرعية على الغزو الاميركي ـ البريطاني» ولكنها وافقت عليه وهو ما يطرح تساؤلات كبيرة، فسورية تدرك ان هذا القرار هو لا اضفاء للشرعية على الغزو، وسورية عضو في مجلس الامن، ولكنها وافقت على القرار، فالعلاقات الدولية كما هو واضح معقدة وصعبة الفهم وتحتاج الى منجمين لا الى محللين سياسيين.