خطران أمام العراق: الفراغ والتقسيم

TT

من المتوقع أن تعلن الولايات المتحدة وحلفاؤها في الحرب رسميا تشكيل إدارة مؤقتة للعراق يرأسها الجنرال المتقاعد جاي غارنر. ومن المتوقع أن يزود جيمس وولسي مدير وكالة الاستخبارات المركزية السابق هذه الإدارة بالوجوه المدنية.

ووفق الخطة ستملأ الكوادر الأميركية والبريطانية والإسبانية والأسترالية وتلك القادمة من البلدان الحليفة الأخرى الفراغ الذي نجم عن انهيار الحكم العراقي في عدة مناطق.

لا أحد يشك بأن خلق سلطة توفر للعراق الحد الأدنى من النظام وحماية القانون ولتنظيم تقديم المساعدات الإنسانية هي من الأمور الضرورية بشكل عاجل. فتفشي الفوضى وغياب النظام في بعض المدن مثل صفوان وأم قصر والناصرية خلال الأيام السابقة يظهر أن الفجوة التي سبّبها انهيار النظام قد تحرض على تصاعد موجات الإجرام غير السياسي داخل المدن.

تقول الولايات المتحدة وحليفاتها انها اتخذت الاجراءات لتقديم السلطة الجديدة كحكومة للعراق من دون تفاصيل عن شكلها وجوهرها. وستسمى هذه السلطة بـ«مركز إعادة التعمير والمساعدات الإنسانية» (أو.آر.إتش.إيه)، وأنها ستعمل ضمن المجال الضيق الذي يتضمن اتخاذ قرارات تتعلق بقضايا السيادة الوطنية للعراق بأي شكل كان.

وتقول التقارير الصادرة عن إدارة بوش أن عمر «مركز إعادة التعمير والمساعدات الإنسانية» لن يزيد عن ثلاثة أشهر فقط، وهذا يعني أن السلطة الانتقالية العراقية سيتم تنصيبها قبل نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل.

مع ذلك يبقى هناك سببان يبعثان على القلق. الأول هو أن الـ «أو.آر.إتش.إيه» ستقسم العراق إلى ثلاثة أجزاء: الجنوب والوسط والشمال، مع استثناء الجزء الذي تحكمه حكومتان كرديتان تحت حماية أميركية. ولعل ذلك يخلق الانطباع أن الأكراد الموجودين في تلك المنطقة هم مفصولون عن بقية العراقيين وهذا ما سيخلق الشكوك عن مدى التزام واشنطن بإبقاء العراق موحدا داخل دولة مركزية واحدة عاصمتها بغداد.

والسبب الثاني للقلق ناجم عن الضجة التي أثارها بعض التنظيمات العراقية المعارضة المطالبة بتشكيل «حكومات انتقالية» خاصة بهذه الفئة أو تلك في هذا الجزء أو ذاك من العراق. فبعض الناشطين الشيعة يتكلمون عن حكومة مقرها النجف بينما يفكر «المؤتمر الوطني العراقي» بتشكيل حكومة خاصة به في مدينة صلاح الدين. كذلك هناك مخاوف بين التنظيمات الشيعية المدعومة من بعض دول الجوار من أنها قد تقصى عن السلطة في العراق الذي تسيطر عليه الولايات المتحدة فراحت تتحدث عن تشكيل حكومات في هذه المدينة أو تلك القرية.

على المعارضة العراقية أن تدرك أن الخطر القائم اليوم هو وجود العراق كدولة، وأي تشرذم في السلطة قد يعني انتحارا جماعيا للعراق. على العراقيين أن يتحدوا وأن يشكلوا كيانا تمثيليا خاصا بهم بأسرع ما يمكن والتوثق من تشكيل حكومة عراقية مؤقتة في أقرب وقت ممكن لتحل محل مكتب إعادة التعمير والمساعدات الإنسانية حال انتهاء مهام هذه السلطة بعد ثلاثة أشهر.