عضوية فلسطين للأمم المتحدة الآن

TT

جرت المطالبة بدولة فلسطينية في إطار كل الأراضي التي احتلت خلال حرب 1967 وذلك في 15 نوفمبر 1988 خلال اجتماع تاريخي للمجلس الوطني الفلسطيني في الجزائر أيد رسمياً حل إقامة دولتين واعترف بإسرائيل في إطار 78 فى المائة من فلسطين التاريخية والتي كانت إسرائيل قد سيطرت عليها قبل حرب 1967 .

خلال شهرين تم الاعتراف بالدولة الفلسطينية دبلوماسياً من قبل 100 دولة أخرى ذات سيادة. واليوم يعترف بالدولة الفلسطينية نحو ثلثي الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تقريباً. ومع ذلك فإن اتفاقيات أوسلو لم تنف الدولة او تعتبرها غير قائمة قانونياً. وبالطبع، فإنه في يوليو 1998 صوتت الجمعية العمومية بـ124 مقابل 4 أصوات لاعتبار الدولة الفلسطينية «مراقباً دائماً» بالأمم المتحدة مترقية بها إلى مستوى فريد لا سابق له مع تمتعها بحقوق ومزايا من المشاركة كانت من قبل محصورة فقط بين الدول الأعضاء.

إن السلطة الفلسطينية وهى مخلوق شاذ نشأ عن اتفاقيات أوسلو قد كفت عن الوجود في 4 مايو 1999 وهو التاريخ الذي انتهت وفقاً له «الفترة الانتقالية». ليس هناك لأحد مصلحة في الإصرار على هذه النقطة القانونية ولم يصر أحد عليها، ولكن منذ الهجوم الضاري لآربيل شارون في ربيع 2002 فإن السلطة غابت فعلياً عن الوجود كقوة عملية على أرض الواقع كما على مستوى النظرية القانونية أيضاً. إن دولة فلسطين التي لا تحتاج لمطالبة ثانية بها هي متاحة لملء الفراغ.

بعد عودة ياسر عرفات إلى فلسطين عام 1994 صار يضع تحت توقيعه ثلاثة ألقاب في مكاتباته العربية هي : رئيس دولة فلسطين ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية. ولكن تمت اعادة التشديد على الدولة، ويذكر علناً ، بوصفها تطلعاً أكثر مما هي حقيقة قانونية ودبلوماسية، وهي كانت كذلك بالفعل وما زالت.

هناك سببان استراتيجيان جيدان لذلك. السبب الأول هو ان القيادة الفلسطينية تؤمن ان التعقل والمفاوضات السلمية كان يمكنها أن تجلب سلاماً حميماً ومفتوحاً يستند الى حل إقامة الدولتين أكثر من الدفع بقوة بالدولة الفلسطينية في وجه دولة إسرائيلية ما زالت، وقبل كل شئ، تحتل عسكرياً كل فلسطين. السبب الثاني هو أن القيادة الفلسطينية تؤمن بأنه في كل مرحلة يجلب موضوع الدولة إلى خارج المفاوضات المغلقة كانت الاحتمالات خطيرة إذ أن من الأكثر توقعاً استخدام الولايات المتحدة لحق الفيتو في الأمم المتحدة، وقد يجعل ذلك الموقف الفلسطيني أسوأ مما كان عليه من قبل.

إن الأكثر أهمية بعد أن تحدث الرئيس بوش مراراً عن رؤيته للدولة الفلسطينية وعبرت الولايات المتحدة مؤخراً عن غضبها الشديد من التهديد غير المعقول من فرنسا وروسيا والصين باستخدام حق النقض «الفيتو» وتزايد الغليان في جميع أرجاء العالم الإسلامي مع مشاعر غضب معادية للأمريكيين لا سابق لها من قبل، هل يعقل أن تقوم الولايات المتحدة باستخدام حق الفيتو ضد طلب عضوية فلسطينية للأمم المتحدة إذا تم تقديم طلب كهذا الآن؟

إذا كانت فلسطين، بحدودها المقبولة دولياً قبل يونيو 1967، عضواً في الأمم المتحدة وليس فقط «أراضي محتلة» ولم يعد ذلك حتى موضوع «خلاف» فإلى متى تستطيع إسرائيل أن تحافظ على احتلالها، والذي حتى كوفي أنان اعتبره «غير شرعي»؟ إن «خريطة طريق سلام الشرق الأوسط» التي تم انتظارها طويلاً، والتي لم تنشر بعد، تقود إلى لا مكان ولم يكن أبداً بنية الولايات المتحدة أن تقود الخريطة إلى أي مكان، وبالذات، بعد بيان الرئيس بوش الأخير والذي توقع ان يتسلم ملاحظات حوله من إسرائيل (التي لها 100 ملاحظة جاهزة) يجب أن يكون واضحاً بكل شفافية أن خريطة الطريق هذه هي ببساطة فرصة أخرى لإسرائيل لتأجيل مصلحتها المزعومة في السلام بينما تشيّد مزيداً من المستوطنات وتعبد الطرق وتجعل عموماً إمكانية إقامة دولة فلسطينية قابلة للتطبيق أمراً أقل مما هو متصور.

ومع أن السماوات قد تبدو داكنة فإن هذا الوقت ليس وقت اليأس وضعف الهمة والتذلل من أجل الفتات. الآن هو الوقت المناسب للقيادة الفلسطينية كي تأخذ بزمام المبادرة وتغيّر الأجندة وتفعل شيئاً محدداً وبناء لجعل نهاية للاحتلال حتمية وللتعجيل بيوم نهايتها.

* محام دولي يكتب بانتظام عن النزاع الفلسطيني ـ الإسرائيلي.