ما بعد الحرب

TT

مع دخول الحرب في العراق مشهدها الاخير، في ضوء سيطرة القوات البريطانية على البصرة ثاني اكبر المدن العراقية، والطوق الذي فرضته القوات الاميركية على بغداد وتوغلها داخل العاصمة العراقية، لا بد ان يكون هناك تفكير في الجانب العربي عن طريقة التعامل مع الواقع الجديد الذي سينشأ بعد ان تسكت المدافع، وكيف يمكن للدول العربية ان تكون فعالة في التعامل مع هذه التطورات في اطار مصالح المنطقة وامنها الاقليمي.

واذا كانت الدول العربية التي تبنت في اغلبيتها موقفا معارضا للحرب قد فشلت في منعها مع الجانبين العراقي والاميركي ـ البريطاني، وهي ليست وحدها في ذلك، فهناك دول اوروبية واخرى في مناطق عديدة في العالم تبنت نفس الموقف المعارض، الا ان ذلك

يجب ألا يبقي الجانب العربي اسير مواقف اتخذت قبل بداية الحرب، او يشل تفكيره في دوره في ما بعد الحرب تجاه بلد مهم في المنظومة العربية، خاصة ان نهاية النظام في بغداد اصبحت واضحة.

معنى ذلك، يجب ان تكون هناك اسئلة مطروحة حول الطريقة التي ستتعامل بها الدول العربية مع الفترة الانتقالية التي سيمر بها العراق والحديث عن حكومة عسكرية مؤقتة وكيف ستتعامل مع الحكومة الجديدة التي ستنشأ في العراق ويتوقع ان تتولى المسؤوليات بعد هذه الفترة الانتقالية، وكذلك خطط اعادة الاعمار والوضع الانساني هناك.

وهي اسئلة صعبة وحرجة لان النظام السياسي الجديد الذي سيظهر في العراق سيأتي من قوى المعارضة التي لا بد ان يكون لدى قطاعات منها موقف من النظام العربي الاقليمي الذي تجاهلها فترة طويلة، واغمض عينيه عما شهده عراقيون في الشمال او الجنوب من اعمال قمع واسعة، وبعضها ينتقد الموقف الاعلامي في الدول العربية، معتبرين انه موقف مساند للنظام الحالي.

واذا كان من يملك التأثير في صياغة المستقبل هو من يملك القوة على الارض فان هذا لا يمنع من اتخاذ موقف عربي نشط بعد الحرب لصالح مستقبل العراقيين كشعب، ودعم اي طريق يختاره العراقيون لمستقبلهم بدون محاولة فرض اي شيء عليهم.

وفي هذا الصدد، فان الجانب العربي يمكن ان يكون فاعلا في الاسهام في المساعدة على خطط اعادة الاعمار في العراق وتقديم اسهامات مالية تمكن العراقيين من تجاوز الوضع الحالي في اسرع وقت، وهي اسهامات لن تضيع هباء لان العراق بلد غني بموارده الطبيعية والبشرية، وانتعاشه لا بد ان ينعكس على كل المنطقة، خاصة انه كان يعيش طوال الـ 12 عاما الماضية بقدرات لا تتناسب مع حجمه وامكانياته. كما يمكن للجانب العربي ان يلعب دورا ضاغطا من اجل الاسراع في تسليم السلطة الى حكومة عراقية يختارها العراقيون والمحافظة على وحدة الاراضي العراقية، والمساعدة على الترتيبات الانتقالية التي تحافظ على سيادة العراق واستقلاله.