أسئلة حائرة

TT

من بين كثير من مشاهد الحرب الحالية في العراق، يبقى مشهد الفقر المدقع الذي يعيشه العراقيون شاهدا على حجم مأساة العراق.

في كل قرية ومدينة عراقية تنظر الى الاطفال والمراهقين فتشعر انهم جاءوا من كوكب اخر، آثار الفقر مرتسمة على الوجوه والملابس والشوارع وانعدام الخدمات. وتتساءل بكل حزن اين ذهبت مليارات العراق؟ ومن الذي اوصل تلك الأمة الى حافة الجوع والفقر والمهانة.

تتذكر العراق، بلد الخير والرز «العنبر» وتصدير الطعام الى كل الدول المجاورة قبل ان يعرف العراقيون النفط. وتتذكر عراق عصور قديمة عندما كان يشار الى كل من رزقه الله بخير باعتباره قد «تبغدد» اي اصبح بغداديا. وتتذكر قول الشاعر القديم «سأترك منزلي لبني تميم وارحل للعراق فاستريحا».

لو ان بعض المتباكين على عراق اليوم، وعلى اطفال العراق اليوم، من الذين مارسوا حفلة الصمت والمباركة لممارسات القائد «الضرورة»، لو ان هؤلاء يحدقون في عيون العراقيين عبر شاشات التلفزيونات العالمية، ويتأملون هذا الفقر والبؤس ويتساءلون كيف تحولت دولة نفطية غنية الى واحدة من اكثر الدول تعاسة، لو انهم ربطوا ذلك بالحروب العدمية التي مارسها النظام ضد جيرانه، وصرف المليارات على اسلحة وجيوش واجهزة استخبارات وفدائيي صدام وحزب البعث والسيجار الكوبي الفاخر. لو انهم حدقوا في ما بثته التلفزيونات عن بعض قصور صدام التي دخلتها قوات التحالف ورأوا دورات المياه المطلية بالذهب داخل عدد ضخم من القصور، فربما يحرك ذلك شيئا في افئدة المخلصين منهم والصادقين في خوفهم على العراق واطفاله.

تصوروا عراق السبعة انهار ينتظر أهله زجاجات المياه. من يصدق ان اهل البصرة وبغداد لا يمتلكون الماء النظيف، من يصدق ان مدنا عراقية كانت تستهلك السمك «المسكوف» وتصدره للجيران تنتظر الآن علب السردين من منظمات الاغاثة الدولية.

اي جنون هذا، واي حديث عن مؤامرات اجنبية، وقد حول بعض الزعماء بلادهم الى جمهورية رعب وخوف وجوع وشقاء، ومتى يصحو ضمير هذه الامة لتقف في وجه كل من تجبر وطغى وافقر اهله واهلك الحرث والنسل؟!

اللهم لا شماتة.. اللهم لا شماتة!!