طهران.. أنقرة: هل تعتبران بدرس بغداد؟

TT

لسبع سنوات كاملة نسيت طهران وأنقرة انهما كانتا تشكلان مع دمشق لجنة ثلاثية تابعت على مدى ثلاث سنوات (1991 ـ 1994) تطورات الوضع في كردستان العراق لجهة العمل المشترك على الحؤول دون اقامة ادارة ذاتية في الاقليم الكردي العراقي بعدما سحبت بغداد اداراتها منها لاغراق الاقليم في الفوضى واثارة دول الجوار ضد الاكراد بعدما عجزت هي ـ بغداد ـ عن السيطرة عليهم عقب هزيمتها في حرب الخليج الثانية (1991).

طهران وأنقرة اوقفتا اعمال اللجنة بعدما وجدتا انها لم تعد ضرورية لهما، فالحزبان الكرديان الرئيسيان (الحزب الديمقراطي الكردستاني ـ بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني ـ طالباني) انخرطا ابتداء من العام 1994 في صراع مسلح عبثي مهلك دخلت العاصمتان الايرانية والتركية على خطه وأججتا ناره واطمأنتا الى ان الادارة الكردية الذاتية الموحدة والقوية لن تقوم.

والآن تغيرت امور كثيرة، بل انقلبت هذه الامور على نحو لم تكن ترغب فيه طهران وانقرة. فعراق جديد ينبثق الآن. وسيتمتع الاكراد ـ في الغالب ـ في عراق ما بعد صدام بما يريدون، وهم اختاروا الفيدرالية، وليس من المحتمل ان يواجهوا مشكلة في تحقيق مطلبهم هذا في ظل عراق ديمقراطي سيكون فيه الاكراد ـ كما العرب والتركمان والآشوريون والكلدان ـ اسيادا، وهو ما يستحقونه، كما سائر قوميات العراق.

واذا نجحت طهران في اقناع انقرة ودمشق في استئناف اعمال اللجنة الثلاثية وفي عقد اجتماع لها، فمن المشكوك فيه ان يبادر وزير الخارجية الايراني كمال خرازي ـ صاحب المبادرة لاعادة الحياة الى اللجنة ـ الى القول لزميليه التركي والسوري ما ينبغي ان يقال، وهو اخذ العبرة والدرس من المصير الذي آل اليه صدام حسين ونظامه.. من مصير السياسات الشوفينية المتوحشة التي انتهجها صدام ضد الاكراد ـ وضد العرب والتركمان والآشوريين والكلدان ايضا في الواقع.

من المشكوك فيه ان يعلن خرازي لزميليه ان بلاده قررت الاعتراف بالقومية الكردية وتأمين حقوقها السياسية والثقافية والادارية استباقا للتأثيرات المحتملة بما سيجري في عراق ما بعد صدام، وان يحث زميليه على ان تحذو الدولتان الاخريان المجاورتان للعراق حذو الجارة الثالثة.

فالسيد خرازي اطلق مبادرة العودة الى اللجنة الثلاثية استنادا الى نمط قديم من التفكير لا يأخذ في الاعتبار الزلزال الذي يحدث الآن في العراق والتغييرات الكبرى التي ستشهدها بغداد، ومنها جعل الاكراد اسيادا، كما العرب والتركمان والآشوريون والكلدان.

اذا ما اراد السيد خرازي السلامة لبلاده ونظامه فالاحرى به ان يعتبر بالمصير البائس لصدام ونظامه. اما سياسة المحاور التي يريد السيد خرازي انتهاجها ضد الاكراد، بحجة «التنسيق والتشاور بشأن الاوضاع العراقية» فلن تجلب الا المشاكل لبلاده، وقد تتسبب في ادخال ايران في دوامة الكوارث والحروب المتلاحقة مثلما فعل صدام وسياساته بالعراق.

[email protected]