نهاية حسن المجيد

TT

برغم الفرحة العارمة التي اصابت اكراد العراق بموت علي حسن المجيد (الكيماوي) الا ان تقرير مراسل «الشرق الأوسط» من كردستان يبين ان فرحة هؤلاء اختلطت بالحزن لأنهم كانوا يريدون محاكمته وكشف جرائمه، والحالة نفسها شهدتها الكويت عندما اعلن عن موته، فالناس تتصل ببعضها البعض مهنئة بسبب الجرائم التي ارتكبها وأدوات التعذيب التي استخدمها والارواح التي ازهقها عندما كان حاكما للكويت اثناء الاحتلال، ولكن الناس حزينة بان يموت مجرم ارتكب كل هذه الجرائم البشعة بحق الانسانية ثم يدفن وتدفن معه جرائمه التي كان يفترض ان توثق.

اعتقد ان من الضرورة توثيق جرائم الحرب التي ارتكبها اركان النظام العراقي بحق العراقيين في السجون والمعتقلات، وبحق القرى الايرانية التي ابيدت عن بكرة أبيها، وبحق سكان حلبجة حين قتل خمسة آلاف ضحية بالاسلحة الكيماوية بدم بارد، وبحق الكويتيين حيث فُتحت المعتقلات وتم تعذيب الناس واغتصاب النساء واختطاف الاسرى.

المهمة ليست مهمة الحكومات بل مهمة مؤسسات المجتمع المدني، فالأمة التي لا تحترم ذاكرتها تصاب بمرض النسيان، والأمم التي تصاب بالنسيان تتعرض لنفس الجرائم لغياب الذاكرة الحية للشعوب.

توثيق تاريخ النظام العراقي الحالي ضرورة، واقامة متاحف وطنية تضم جرائم الحرب، وصور الضحايا، وأدوات التعذيب، واغتصاب الناس وقتلهم وتشريدهم هي ضرورة وطنية للعراقيين، يزورها اطفال المدارس ليعرفوا ماذا تعني الديكتاتورية، وما هي اهمية مجتمع التسامح والتعددية، وهي عملية تحصين للناس ضد الديكتاتورية، وتذكير لهم بخطورة ان يختطف شخص او مجموعة اشخاص امة بكاملها ويعيثون فسادا بمقدراتها ومواردها ويحيلوها الى امة منهكة ضعيفة مصابة بفقر الدم وجائعة.

موت حسن المجيد هو دليل على ان الله يمهل ولا يهمل وان مصير القتلة والمستهترين بأرواح الناس هو العذاب في الدنيا والآخرة، وهو درس لكل من يزهق ارواح الناس ويعتدي على اعراضهم واموالهم، وتاريخ الدنيا كلها يثبت لكل صاحب عقل ان نهاية الطغاة حتمية.

سيلحق بحسن المجيد مجرمون آخرون من نظام صدام وستكون النهاية لكل الجلادين، والبداية لعصر جديد من الحرية والطمأنينة للنفوس التي تعذبت كثيرا.