ما الذي فعله بشعبه وبنا؟

TT

كان عند صدام حسين 23 مليوناً من البشر الأذكياء.. وكان عنده نهران.. وأرض تنبت القمح والزهور.. ونهر من البترول لا ينفد.. وعنده تاريخ مجيد يمتد لآلاف السنين من حضارة بابل وآشور إلى حضارة الإسلام.. وكان عنده شعراء وفنانون وكتاب.. كان ببساطة يحكم أغنى دولة في العالم الثالث يمكنه أن ينقلها إلى العالم المتقدم إذا حكم بالعدل والحق والحرية.. ولكنه آثر أن يحكم بالحديد والنار.. وبدلاً من أن يحوّل كل هذا إلى جنة على الأرض حول العراق إلى جحيم.

السبب في رأيي هو الغرور والجهل. مغرور يظهر ببندقية يطلقها في الهواء أو سيف يحركه كأنه يقطع الرقاب.. و (نفخة كدابة).. وهو يرفع يده يبارك الجموع التي حشدت ولا أقول احتشدت للنظر إلى طلعته البهية. مغرور لأنه صدّق أنه زعيم وأنه بطل بدليل أنه قضى على أعدائه وأصدقائه وذوي قرباه.. لقد هزم الجميع فظن أن هذه هي البطولة.. وأضاع شعباً كريماً كان يمكن أن يباهي به العرب العالم فإذا به يجعل من هذا الشعب الكريم مطية لأهوائه ونزواته. و ها هو الشعب تمزقه الصواريخ والقنابل الذكية والغبية وتتهاوى بيوته ومدنه وقراه وآثاره.. ويتحول خلال بضعة أيام إلى شعب ممزق مهزوم.

وهو جاهل لأنه لم يتعلم من التاريخ.. ولم يعترف بحقائق الأمور.. ولو القى نظرة على تاريخ الطغاة عرباً وعجماً و فرنجة لعرف أن كل طاغية أو دكتاتور يدفع بشعبه إلى الهوان والعجز والعبودية ثم يسقط بعد أن يدمر الأخضر واليابس.

لا أتشفى فيه وهو محاصر لا مفر له من الموت أو التسليم.. ولكني آسى لحال الشعب العراقي.. بل آسى لحال العرب جميعاً فقد جرنا الزعيم القائد وجر النشامى إلى مأزق تاريخي لا ندري متى ينتهي، ومنحدر حضاري وسياسي وعسكري قد لا نفيق منه إلا بعد عقود وربما قرون .. ولله الأمر من قبل ومن بعد.