من بلاغات الصحاف

TT

اذا لم يخلف النظام الصدامي للعراق غير الخراب والافلاس والدموع، فلا بد من الاعتراف بأن وزيره للاعلام محمد سعيد الصحاف قد ترك للبشرية تراثا فكاهيا فريدا من نوعه. لقد وصل بالكذب الى قمة من البلاغة قلما عرفت مثلها البشرية من قبل. لقد اكتشفت من تعاملي مع البعثيين العراقيين ان الكذب حرفة حزبية اصيلة عندهم، وها هو وزيرهم اعطانا عينة ممتازة من منتجاتهم. وبعين الوقت اغنى اللغة العربية بمفردات بليغة كالعلوج والطراطير ودرام زفت وحثالة الشر. وستبقى القنادر (الاحذية) مدينة له بما اضفى عليها من مكانة سياسية:

* «بريطانيا لا تسوى قندرة عتيقة».

* «بوش ورامسفيلد يستحقان الضرب بالقنادر».

* «سنستقبل قواتهم بالرصاص والقنادر».

* «انهم يقولون لجنودهم كذبا سخيفا ويخدعونهم. لا يقولون لهم انهم يواجهون موتا اكيدا».

قلب الحقائق من الاساليب الفكاهية العريقة. انطبق ذلك بصورة خاصة على اتهام قوى التحالف بالكذب:

* «الامريكان يستعملون دائما اسلوبا غبيا وسخيفا ينبغي عليكم ان تحذروا منه فلا تكرروا كذبهم».

* «الصحافة الامريكية محشوة بالكذب. كل ما يقولونه كذب وكذب ومزيد من الكذب».

* «فلينعم الامريكان بأوهامهم».

* «هؤلاء الجبناء لا اخلاق لهم. لا يشعرون بأي عيب في الكذب».

وليدلل على كذبهم علق على الافلام التي صورت الاسرى العراقيين على التلفزيون فقال:

«هؤلاء ليسوا جنودا عراقيين مطلقا. من اين جاءوا بهم؟ انظروا جيدا».

* «كل ما اريده منكم هو ان تدققوا النظر ولا تكرروا كذبات الكذابين. لا تكونوا مثلهم. مرة اخرى ألوم الجزيرة فهي لا تتأكد مما يحدث. ارجوكم تأكدوا من كلامكم».

وتظهر قريحة محمد سعيد الصحاف بصورة خاصة عندما يحاول الاجابة على اسئلة الصحافيين، كما فعل عندما سألوه عن اطلاق صواريخ سكود على الكويت. قال «نحن لا نملك اي صواريخ سكود مطلقا. لا ادري لماذا اطلقوها على الكويت».

وعند دخول القوات الامريكية الى بغداد، ازدادت قريحة الوزير تألقا:

* «استطيع ان اقول واتحمل المسؤولية عما اقول، لقد بدأوا ينتحرون تحت اسوار بغداد (لا توجد اسوار حول بغداد في الواقع) وسنشجعهم على الانتحار بسرعة اكبر».

* «سنقطع رؤوسهم .. اهلا بهم.. سنذبحهم.. لقد اوقعناهم في مستنقع لا يخرجون منه الا امواتا.. لقد القت واشنطن بجنودها في النار».

* «انا اتكلم لغة انجليزية احسن من بوش».

* «الطراطير ابعد ما يكونون عن المطار. لقد تاهوا في الصحراء. لا يستطيعون ان يستعملوا البوصلة. انهم متخلفون».

* «انهم مثل افعى وسنقوم بتقطيعها اربا اربا».

وبعد ان احتل الامريكان قلب العاصمة العراقية، وقف الوزير المسؤول ليؤنب الصحافيين على جهلهم في مؤتمره الصحافي الاخير قبيل هروبه:

* «اود ان اخبركم الآن انكم بعيدون عن الواقع كليا».

يقال انه عندما نطق بذلك كان بين مستمعيه عدد من الجنود الامريكان على الرصيف المقابل.

ويظهر ان المرء ايضا على سر أبيه. فعندما سألوا ابنه أسامة الصحاف الدكتور في مستشفيات ايرلندا عن والده اجاب قائلا: «والدي رجل جيد جدا».