ما هي حقيقة رواية الشارع؟

TT

هل الناس سعداء بسقوط صدام؟ ام انهم غاضبون من حضور الاميركيين؟ الحقيقة اننا لا ندري، لذا لا نستطيع ان نزعم بما نشاء. والصحيح، انه بعد كل هذه السنين من المسلّمات فنحن في حيرة حول رأي الناس، او كما تعارفنا على تسميته بالشارع، هل هم مع ام ضد؟

ولأننا لا نملك ادوات قياس فلا ندري، ولن ندري صحة الأشياء بالتأكيد. لهذا كل منا سيقفز الى الاستنتاج بناءً على تمنياته او انطباعاته المحدودة.

وسبب حيرتي هو الانباء الآتية من اليمن، فالشارع اليمني اكثر وضوحا في هذه الايام لكونه الوحيد الذي يعيش انتخابات محلية واسعة تشمل كل الفئات. وانتخاباته مفتوحة تتنازعها القوى السياسية التي تحاول اغراءه (الشارع) بكل ما يدغدغ مشاعره وتحاول الوصول الى ثمانية ملايين ناخب. هنا استوقفتني الشعارات السياسية الكبيرة التي رفعت جنبا الى جنب مع الوعود الانتخابية المحلية. بعضها مباشر يحاول ان يرشي جيب الناخب، مثل احدهم الذي رفع يافطات تعد مواطنيه إن انتخبوه بزيادة مرتباتهم مائة في المائة.

وبعض المرشحين حاولوا دغدغة عواطف ناخبيهم، وهنا مربط الفرس. فالمؤتمر الشعبي، حزب الحكومة، افتتح حملته بنقد شنه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح ضد الرئيس العراقي المخلوع صدام حسين. والسؤال: اذا كان مزاج الشارع العربي مع صدام الذي يسمى تجاوزا، الشعب العراقي، فلماذا يهاجم في خطبة انتخابية هدفها استمالة الناس؟ لماذا يتبرأ الرئيس اليمني من زميل سقط، إلا اذا كان يعلم ويشعر بأن الشارع اليمني كاره لهذا الديكتاتور الذي هوى. وبالتالي فحزب الرئيس يريد ان يصحح الصورة القديمة عنه، معلنا تبرئته.

وقد يرى البعض ان هذا موقف تكتيكي من حزب سياسي كهذا، لكن ماذا يمكن ان نقول عن حزب اسلامي، احد ركائزه معاداة الغرب مثل حزب الاصلاح اليمني؟ المفاجأة ان «الاصلاح» وعد ناخبيه من الشعب اليمني بأنه سيحسن علاقات اليمن مع اميركا الى افضل مما هي عليه الآن.

وهنا نسأل مستغربين، مصدومين، اليس صحيحا ان العلاقة الحالية بين واشنطن وصنعاء اليوم هي امتن مما وصلت اليه بين البلدين منذ قيام الجمهورية؟ الجواب قطعا نعم. والثاني أليس صحيحا ان حزب الاصلاح واجه ملاحقة اميركية في داخل اليمن نفسه وخارجه، وقبض على واحد من اعضائه؟ الجواب، نعم. إذاً لماذا يفعلها؟ السبب انه يريد ان ينجح انتخابيا، واثقا بأن المواطنين اليمنيين يريدون تحسين العلاقة مع الاميركيين، وإلا لما تجرأ حزب ديني على طرح هذا الحديث، وفي هذا الوقت بالذات، عقب احداث ضرب «القاعدة» وغزو العراق.

إذاً ما هو موقف الشارع العربي، واليمني واحد منه؟ يبدو من الشعارات الانتخابية ان الشعب اليمني ضد صدام حسين، وانه مع تحسين العلاقة مع الاميركيين. او هكذا يبدو لنا.