أسئلة العراقيين!

TT

سألتني صديقتي العراقية: ماذا جرى في العراق ولماذا يحدث الآن ما يحدث فيه؟هل يملك احد الجواب عن كيفية اختفاء «كل» القيادة العراقية دفعة واحدة وفي لحظة واحدة؟ وتسأل صديقتي: طالما لم تكن هناك مقاومة او حتى استعدادات عسكرية ولو مظهرية في بغداد، فلماذا تم تدمير البنية التحتية المدنية كلها. قضية سرقة كل المتاحف وكل المخطوطات وكل «حضارة» بلاد ما بين النهرين، جريمة تاريخية بحق كل البشرية لا تملك صديقتي وملايين غيرها، تفسيرا او تبريرا لها، لكنها تسأل لماذا احرقوا ملفات نفوسنا وكل الوثائق التي تثبت هويتنا الشخصية وممتلكاتنا ومعاملاتنا القانونية؟ تسأل: لماذا دمروا محطات الكهرباء ومراكز الاتصالات الهاتفية ومباني الاذاعة والتلفزيون؟ وتتساءل: هل صحيح ما يردده العراقيون «المنفيون» في لندن، ان احد المقربين من وزارة الدفاع الاميركية هو وكيل احدى اكبر شركات الهاتف وان العراقيين في الخارج لن يمكنهم الاتصال والاطمئنان على اهلهم في الداخل، الا بعدما يتم التوقيع مع هذه الشركة؟ وتستدرك صديقتي قائلة: رغم حرقتي، اخجل ان اشكو ألمي لعدم معرفة مصير والديّ العجوزين، اذ كيف اسأل عنهما ولا اعرف مصير بلادي وعما اذا كانت ارضي ستظل تعترف بانني ابنتها؟ لقد احرقوا شهادة ولادتي بعدما كان النظام المخلوع زعزع شعوري بالانتماء!

رغم خجلها عن السؤال عن والديها، كانت صديقتي، بعد سقوط بغداد، اسرعت محملة بالادوية وتوجهت الى سورية كي تعبر الى... بغداد. وعادت الى لندن بعدما مُنعت من عبور الحدود وسلمت الادوية الى الهلال الاحمر مع عنوان لا تعرف ما اذا كان اصحابه احياء بعد او صاروا امواتاً.

وفي حيرة تقول: هل يعقل ان الاميركيين حتى الآن، يحرمون العراق من اذاعة او محطة تلفزيونية؟ وهل صحيح ان وزارة الخارجية الاميركية كانت قد حولت الى اطراف المعارضة العراقية قبل الحرب، مبلغا يفوق الستة ملايين من الدولارات تكاليف تلفزيون عراقي، ثم اوقفت المشروع بعدما اختفى مبلغ مليوني دولار، اقتطعه احد زعماء المعارضة وحوله الى اسمه الشخصي؟ هل هذا صحيح؟ لماذا قرروا ان يكون التلفزيون العراقي بعد التحرير، موجها من طائرة اميركية وليس في بغداد؟ ثم كيف يعرف العراقيون ما يجري او ما المطلوب منهم متابعته اذا لم تكن لديهم اذاعة في العاصمة؟

وتسأل صديقتي سؤالا غريبا: وهل ستبقى بغداد العاصمة؟ ثم من اين جاء «كل هؤلاء» واحتل كل واحد منهم قصرا او ناديا ومنعت «ميليشياتهم» المحمية العراقيين العاديين من الاقتراب. وتقول: هل رأيتِ اينما توجه العراقيون داخل المدن العراقية تعترضهم الاسلاك الشائكة؟ وتهمس صديقتي: سمعت ان جنرالا اميركيا سيحكم العراق مدة سنتين، ثم سيأتون برجلهم حاكما مؤقتا، ليوقّع!

ولا تسمع صديقتي ما اتمتم به عن القوانين الدولية وعن الامم المتحدة وعن المستحيل. تأملت وجهها ورأيت انه في شهر واحد كبرت صديقتي عشر سنوات... قهرا!