حل مشكلة الأقليات في البلاد الإسلامية

TT

إذا سلمنا جدلا بأن هناك مشكلة للأقليات فهل «العلمانية» هي الحل لمشكلة هذه الاقليات؟!

نحن نعلم ان العلمانيين في بلادنا ـ مسلمين ونصارى ـ يجيبون عن هذا السؤال بالايجاب.. فالعلمانية عندهم هي الحل، خاصة لمشكلة الاقليات.

ونحن نريد ان نقدم لهم شهادات فكرية.. وواقعية تقول ان العلمانية هي المشكلة، وليست الحل في هذا الميدان، وفي كل ميدان.

فقبل التوجهات العلمانية لنظم الحكم في بلادنا الاسلامية لم تكن هناك مشكلة للاقليات.. واذا كانت الصيغة الاسلامية هي التي حكمت الدولة العثمانية، فإن «نظام الملل» في هذه الدولة العثمانية هو الذي ضمن الازدهار لكل الاقليات ـ القومية والدينية ـ في دولة الخلافة العثمانية.. بينما كانت العلمانية الأتاتوركية، ومقدماتها لدى جماعة «الاتحاد والترقي» هي الكارثة التي نزلت بكل ألوان الاقليات!

فالاضطهاد الذي اصاب الأرمن والذي يصنفه البعض تحت مصطلح «الابادة» 1915م قد صنعه العلمانيون من قادة «الاتحاد والترقي» الذين انقلبوا على الخلافة الاسلامية، والتوجه الاسلامي للدولة العثمانية.

وعندما كان الفقه الاسلامي هو قانون الدولة العثمانية كانت نسبة النصارى الى سكان هذه الدولة هي %49.8 في 1550م، وظلت هذه النسبة مرتفعة حتى بعد انفصال ولايات البلقان واليونان ذات الاغلبية المسيحية عن الدولة.. فكانت نسبة النصارى الى السكان 1914م هي %19.1. أما العلمانية الأتاتوركية والتي هي النموذج المفضل عند كل العلمانيين في بلادنا، فهي التي قضت على الوجود المسيحي في تركيا العلمانية فلم يبق من النصارى في هذه الدولة العلمانية سوى نسبة 0.2% ـ أي خُمس واحد في المائة!

وقس على ذلك حال الأكراد، الذين لم تعرف حياتهم ولا ثقافتهم ولا لغتهم الاضطهاد والمطاردة والابادة إلا في ظل العلمانية الأتاتوركية.

وكذلك الحال مع «النصيرية» ـ العلويين ـ وكل الاقليات التي عاشت ومارست تنوعها في اطار الأمة، وفق الصيغة الاسلامية ـ التنوع في اطار وحدة الأمة ـ ولم تعرف القهر والاضطهاد إلا في ظل العلمانية الأتاتوركية.

لقد عاشت كل الاقليات في ظل الصيغة الاسلامية، وفق المبدأ الاسلامي «لهم ما لنا وعليهم ما علينا»، وحققت وجودها وازدهارها واستمراريتها.. ولم تعرف هذه الاقليات المشكلات إلا في ظل «الحل العلماني».. وكما يقول «الأنبا سوس» واسقف الشباب في الكنيسة الأرثوذكسية المصرية ـ عن اقباط مصر: «حينما نذكر الاقباط أيام الدولة العثمانية، نجد لهم دورا مشتركا مع اخوانهم المصريين.. وكثير منهم عملوا وشاركوا بشكل واضح في الحياة السياسية، في عهد محمد علي».. فالعلمانية ليست الحل، لا بالنسبة للاقليات ولا بالنسبة للاغلبيات!