الإرهاب وبيئته

TT

أحدق في وجوه المتهمين في العملية الإرهابية الفاشلة في الرياض، وأشعر بكثير من الحزن والألم، فلقد نجح الفكر المتطرف في قيادة كوكبة جديدة من شبابنا إلى المجهول وإلى فكر العنف والتدمير باسم الدين.

هؤلاء الشباب متهمون وضحايا في الوقت ذاته، إنهم متورطون في التخطيط لعمل كان يمكن أن يقتل أبرياء أو يدمر مؤسسة يملكها المجتمع، وهذا يضعهم في خانة المتهمين، وهم ضحايا لفشلنا في الحرب على بيئة الإرهاب التي هي الحاضنة للعنف والقتل والفوضى، والتي جعلت شبابا في عمر الزهور يتركون دفء بيوتهم وأهلهم ويغادرون إلى تورا بورا أو إلى سجن غوانتاناموا أو إلى بناء خلايا وجمع سلاح للقتل والتخريب. ما الذي يحدث؟ هو سؤال الأسئلة، ما هي البيئة التي تدفع هؤلاء الشباب إلى العنف؟ وتجعلهم صيدا سهلا لكل فكر خارج متطرف؟ أي بيئة يعيشون فيها؟ وأي وعظ ديني يستمعون له في المساجد؟ وأي كتب ومناهج يقرأونها ؟ وأي بيئة اجتماعية واقتصادية ضاغطة تحاصرهم؟

أحد أقارب المتهمين يقوم باتهام أحد أئمة المساجد بأنه وراء انحراف شخصية قريبه، فكم من محرض في مساجدنا يدفع هؤلاء الشباب إلى العنف؟ ولماذا دائما، وفي كل المناسبات يدخل الشباب إلى السجون ويظل المحرضون وأصحاب الفكر الشاذ خارج السجن؟ وهي ليست دعوة إلى سجن أحد ولكنها دعوة إلى تحرير شبابنا وحوارنا الشرعي من الغلاة والمتطرفين، وخلق بيئة من التسامح وتأكيد مبدأ وسطية الإسلام ورفض الغلو وتحريم أموال وأعراض وأرواح الناس دون وجه حق.

متى سنفتح الباب على مصراعيه لحوار جاد يشارك فيه الجميع لتحليل بيئة الإرهاب وتجفيف منابعه حول برنامج إصلاح اجتماعي واقتصادي وديني يعيد الاعتبار إلى الإنسان ويحميه من أن يكون صيدا سهلا لكل فكر عابث. وإذا كانت مهمة وزارات الداخلية هي متابعة المجرمين وتقديمهم للعدالة، فإن هناك مهمة لا تقل عن ذلك هي مهمة وزراء التعليم ووزراء الشؤون الإسلامية والمربين والمصلحين الاجتماعيين من أجل منع مزيد من الضحايا الذين يسقطون في الفكر المتطرف ويتحولون إلى أداة ضد أنفسهم ومجتمعاتهم، ولا أحد منا يستطيع الادعاء بأن الأمر لا يعنيه.