تحديات سعودية

TT

كما كان متوقعاً، ونظراً للمضامين الأساسية التي احتواها، فقد أحال ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز الخطاب السنوي الملكي أمام مجلس الشورى يوم السبت الماضي، إلى مجلس الوزراء «لترجمة مضامين الخطاب إلى برنامج عمل للحكومة في شتى الموضوعات التي احتواها». فالخطاب الملكي احتوى عددا من المضامين الأساسية، مثل ضرورة تبني موقف استراتيجي من الإرهاب، والتأكيد على أن الإصلاح السياسي المتدرج، و«توسيع نطاق المشاركة الشعبية»، أصيلان في ذهنية الحاكم، وايضاً الإشارة إلى إيجاد مؤسسات أهلية تعنى بحقوق الإنسان، كما تضمن الخطاب الإشارة إلى أهمية التبدلات الرئيسية في النظام الدولي.

هذه المضامين تطرح تحدياً جديداً لمجلس الوزراء السعودي، وربما أراد منها ولي العهد السعودي أن تكون برنامجاً عملياً للمجلس الذي يبدأ دورته الجديدة بعد تشكيله الأخير. وهي تشكل تحديا لأن احتياجات الناس تتطلب سرعة المبادرة لإنجاز هذه البرامج الحيوية، وبالذات ما يتعلق بأهمية ازالة العوائق الفنية والإدارية أمام المضي ببرامج الإصلاح الاقتصادي. والسعوديون يعترفون بتأخر برامج الإصلاح الضرورية، وابرز عوائق الإصلاح يتمثل في غياب سوق مالي يستثمر السيولة النقدية الكبيرة، خصوصا ان السعودية تعد من الدول الرئيسية المصدرة لرأس المال في العالم.

وسيواجه المجلس تحدياً رئيسياً يتمثل في ضخامة الجهاز الحكومي، وكبر أجهزة القطاع العام، وهو ما يشكل عائقا للتنمية المستدامة في العالم العربي والدول النامية بشكل عام. فضخامة القطاع العام أدت في العقود الماضية إلى فرض قيود على حيوية النمو الاقتصادي واثرت على حيوية التفاعل الإنساني. وفي هذا السياق تجدر الاشارة الى ان التعامل مع القطاع العام يشكل تحدياً رئيسياً في السعودية نظراً لبروز ظاهرة سلبية في أداء الجهاز الحكومي، وهي كثرة المشاريع المتعثرة والمتأخرة لدى الوزارات، وخصوصا في المدن الصغيرة والمتوسطة، رغم اعتماد تكلفة تلك المشاريع في الميزانية السنوية.

وتأخر المشاريع إشكالية حقيقية للتنمية في السعودية، وربما يكون من المفيد تشكيل فريق عمل محترف يدرس هذه الظاهرة، كما قد يكون مفيدا ان تنشر وزارة المالية تقريراًَ ربع سنوي يوضح مدى التزام الجهات الحكومية بتنفيذ المشاريع التي تطالب بها، على امل ان تنعكس هذه الآلية ايجابيا على حياة الناس. فتسريع معدلات التنمية، وتدعيم البنية الأساسية للمشاريع الحيوية، يشكلان ضرورة للاستقرار الاجتماعي في أي مجتمع، والسعودية لديها المقومات لذلك، وكل ما تحتاجه هو المبادرة من قبل المؤسسات الأساسية.