«المجاهدين» هنا و«القاعدة» هناك

TT

كرر وزير الدفاع الاميركي، دونالد رامسفيلد، يوم الثلاثاء الماضي اتهام الادارة الاميركية لايران بأنها تأوي بعض نشطاء «القاعدة»، ملمحا الى احتمال تورطها في العمليات الارهابية الاخيرة التي وقعت في الرياض والدار البيضاء. وبالطبع رفضت ايران هذا الاتهام، لكن، لماذا توجيه هذا الاتهام الاميركي الى ايران الآن، خصوصا بعد اللقاءات السرية التي عُقدت بين ممثلي الدولتين في جنيف تحت قائمة من الاسماء التمويهية، وكنت سألت احد مسؤولي «اميركان انتربرايز انستيتيوت» عن رأيه في تلك اللقاءات، فكان جوابه جادا وانه من المهين لواشنطن «ان ترتكب مثل هذه الحماقة».

على كل، ورغم كل الاتهامات، يبدو ان واشنطن وطهران تسيران ببطء نحو تسوية استراتيجية معقولة، لان للطرفين اسبابا ملحة تتطلب نوعا من «التعايش» المحتمل لكل منهما، فأميركا غير قادرة على شن حملة عسكرية على ايران، وليس من مصلحتها توحيد المتصارعين داخل الحلبة الايرانية، كما ان الايرانيين الذين يعملون بالحاح للسيطرة على قبضة المتشددين من رجال الدين يفضلون الحذر الآن على خسارة الهدف البعيد.

الذي يدور حاليا هو ان هناك عددا من عناصر «القاعدة» يعملون في ايران. غير ان في ايران اجنحة كثيرة ثم انها بلاد كبيرة، ولا بد ان عناصر «القاعدة» هؤلاء تحت حماية جناح او آخر، غير ان الولايات المتحدة تريد من الحكومة الايرانية ان تتحرك ضد هذه الاجنحة التي تحمي عناصر القاعدة، في حين لا يشعر الايرانيون، المطلوب منهم ذلك، ان مثل هذا التحرك يصب في مصلحتهم السياسية الداخلية. وترى واشنطن بالتالي ان لا قيمة لأي توافق استراتيجي بين الطرفين، اذا لم تشمل الصفقة عناصر «القاعدة». وقد ردت ايران بان طالبت بتسليمها العناصر الايرانية المعادية التي تعمل في العراق ـ مجاهدين خلق ـ والتي تعتبرها ايران ارهابية. ومن خلال تطور الاحداث، بين واشنطن ومجاهدين خلق، يتبين ان واشنطن رفضت المبادلة وتعهدت بالسيطرة على تلك العناصر، فكان التعهد الايراني بالسيطرة، بهدوء، على عناصر «القاعدة».

لو ان التوتر كبير بين الولايات المتحدة وايران، لكنا رأينا حالة زعزعة امنية ضخمة في العراق تطال نقاط القوات الاميركية فيه، وهذا لم يحدث. وكل ما جرى مظاهرة نظمها «فيلق بدر» و«وحدة العراق» (التابعة للحرس الثوري الايراني)، في بغداد تفرجت عليها القوات الاميركية وعلى منظميها وهم يرشون المياه على المتظاهرين كي يتحملوا حرارة الطقس، كما تفرجوا على مراقبين ساروا خلف المتظاهرين كي يضمنوا عدم وقوع احداث عنف!

طموحات ايران في العراق كثيرة، لكن قد تعرقلها الصراعات الداخلية الايرانية وتوجه الاغلبية الشيعية العراقية، ثم ان اعادة الامن والقانون والنظام وتوفير الخدمات الاساسية للشعب العراقي، يغلقان بابا اساسيا في وجه الارهاب من كل انواعه.