قبل الزلزال.. وبعده

TT

كان مراسل إحدى محطات التلفزة العالمية ينقل وقائع محاولات انقاذ ضحايا الزلزال في الجزائر، عندما قال إن اية حكومة في العالم ربما تعجز عن التعامل مع دمار بهذا الحجم. والمعنى واضح، فالتعامل مع نتائج الكارثة يتجاوز قدرة الحكومة الجزائرية وحدها، وهو ما تأكد من خلال مسارعة عدة دول الى المشاركة في عمليات الانقاذ.

بيد ان هذا لا يلغي مشروعية سؤال يتبادر الى الاذهان فور وقوع ضحايا بأعداد ضخمة نتيجة لكوارث طبيعية في أي مكان من العالم، وهو: هل كان في الامكان اتخاذ اجراءات تحول دون سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا؟

لقد تجاوز عدد القتلى الفا وسبعمائة، فيما عدد الجرحى اكثر من سبعة آلاف، والارقام آخذة في التصاعد. صحيح ان قوة الزلزال زادت على سبع درجات بمقياس ريختر، ولكن زلزالا مشابها في اليابان او كاليفورنيا باميركا، ربما لن يخلف ضحايا بهذا العدد نظرا لوجود قواعد صارمة لتشييد المباني في المناطق المهددة بأخطار الزلازل. كما ان الدولتين طورتا بمرور السنين تقنيات تشييد تسمح بتوفير الحماية للأفراد وتقليل الخسائر عند وقوع الزلازل او الهزات الارضية العنيفة.

في هذا السياق، بدت لافتة للنظر في زلزال الجزائر الاخير قوة تهاوي المباني، وخصوصا في منطقة بومرداس، التي تعتبر من بين مدن الجزائر الحديثة. ويبدو ان الوضع زاد سوءا بسبب اختلال الاجراءات ذات الصلة بالتخطيط العمراني، كما كان لافتا عدم وجود خطط للطوارئ للتعامل مع الكارثة، لا سيما ان الجزائر تقع على خط زلازل.

لقد وعد رئيس الوزراء، احمد اويحيى، بإجراء تحقيق، وهذه في حد ذاتها خطوة ايجابية، وتستطيع الجزائر الاستفادة من تجربة تركيا التي قررت تعقب المسؤولين عن الخلل في معايير البناء والتشييد وتقديمهم للعدالة، وهو اجراء ايجابي يعزز مبدأ ضرورة معاقبة رجال الاعمال الفاسدين.

ويبقى ان في سرعة مبادرة دول مثل بريطانيا والمانيا وفرنسا وايطاليا واسبانيا واليابان، لمد يد العون ووضع خبراتها في خدمة الجزائر في مواجهة الكارثة، ما يتجاوز مجرد ضرورة تكاتف الاسرة الدولية في مثل هذه الظروف الانسانية، الى التعبير عن وقفة دولية الى جانب الجزائر بعد ما عانته في مواجهتها للارهاب التي كلفتها الكثير، بشرا وخبرات وامكانات، طوال اكثر من عقد.