الفلسطينيون نحن رهينتهم

TT

الجميع في ورطة، فالفلسطينيون عربوا قضيتهم حتى اصبح قرارها خارجا عن يدهم. والعرب فلسطنوا سياستهم حتى صارت شأنا محليا يحاسبون عليه. الجميع في نفس القارب الذي صار نصف غارق.

امام المركب فرصة للنجاة من خلال طوق النجاة او خريطة الطريق. ففيها معظم المطالب العربية بانسحاب اسرائيلي، وخلاص من المستوطنات، ودولة فلسطينية، وأمن لاسرائيل مشروط بالتعايش. إن نجا المركب الفلسطيني وصل كل العرب الى بر الأمان وإن غرق غرق الجميع معه.

لهذا، على المركب ان ينجو لا لكي يستعيد الفلسطينيون حقوقهم، وهي حقوق لا جدال حولها، بل ايضا حتى تنعم المنطقة بسلام من موريتانيا جنوبا وحتى سورية شمالا. لنعن الفلسطينيين على مفاوضاتهم بدل ان نصرخ في وجوههم محتجين. لنحم ظهورهم لا نطعنها. فالمفاوض الفلسطيني قلق مما هو خارج القاعة لا من مفاوضيه، وله كل الحق ان يقلق فهو مهدد ان يجد نفسه وحيدا امام آلات الدعاية الضخمة تخونه وتكفره وتطالب بدمه، فقد ارعبت الكثيرين منذ ايام سعيد حمامي والى مفاوضات الرئيس الفلسطيني مع باراك في كامب ديفيد وطابا.

قلوبنا مع الفلسطينيين لأنهم ضحية للكثير من الخناجر، ضحية للعدوان الصهيوني، وضحية للاقتتال العربي، وضحية للمزايدات الاقليمية، واليوم هم رهينة خلافات قياداتهم الشخصية. قلوبنا معهم لأن الكثير من الأزمات قامت وحسمت ولا تزال حقوقهم على الرف تنتظر.

امام خريطة جديدة ليس بوسعنا سوى ان نقول اعطوها، واعطوا الفلسطينيين فرصة ليجربوا حظهم. دورنا ان نحميهم من انفسنا اولا، ونحميهم من تنظيرنا في الحلال والحرام السياسي الذي حرمهم فرصا قد لا تعود. مع ظهور المشروع السياسي الجديد حان الوقت ان يُترك الفلسطينيون لشأنهم يقولون ويقررون، ويتحملون المسؤولية، نساندهم لا نطعنهم. مع خريطة الطريق اعطوا كل الدفع للمشروع عند الاميركيين والاوروبيين والروس والفلسطينيين. ليعرف الاميركيون ان القضية الفلسطينية حلها هو حل لقضايا المنطقة، وفي حسمها إنهاء للعداء ضد الاميركيين. ليعرف الاوروبيون ان الرأي الذي يجاهرون بقوله امام زبائنهم العرب حان الوقت ان يعلنوه امام الاسرائيليين بعد ان ادخلوا في رباعية المفاوضات وصاروا ضلعا رئيسيا فيها. وليدرك الفلسطينيون ان العرب قد استهلكوا كل وعودهم وكلامهم ولم يعد امامهم سوى الاعتماد على انفسهم في السلم والحرب.

لنقر ان الخلاف العربي ـ الاسرائيلي ضاق هامشه كثيرا حتى لم يعد مستحيلا التوصل الى حل عادل. بخروج الاسرائيليين من احتلال فاشل لجنوب لبنان، وعجزهم عن فرض الصلح على سورية، خسارتهم البشرية في خمس سنين مضت مع الفلسطينيين اكثر مما خسروه في خمسين سنة أثبتت لهم ان حلم ابتلاع الاراضي المحتلة صار كابوسا يستوجب الافاقة منه. ايضا نحن كعرب لم يعد خافيا علينا ان فرض الحل العسكري، مثل السابق، امر مستحيل، كما ان احتفاظ العرب بثلاثة ملايين فلسطيني في بيوت من الخيام والصفيح لنصف او ثلث قرن آخر عمل لا يقل قسوة من قسوة الاحتلال الاسرائيلي. عربيا ايضا حان الوقت ان نعترف بان معظم الشعارات التي نرفعها في القضية الفلسطينية مزورة كتزوير نظام صدام دعاواه التحريرية والذي انهار في ثلاثة اسابيع.