هدوء ما بعد العاصفة

TT

واضح ان سقوط نظام صدام حسين وذوبانه كقطعة سكر في كوب من الشاي الساخن، خلق حالة من الهدوء السياسي والنفسي في المنتديات والفضائيات والصحافة، بل وفي العلاقات العربية.

سقوط نظام صدام كان يفترض ان يحدث منذ زمن طويل، ولكنه استمر لتستمر معه حالة الفوضى والقطيعة والكراهية، فبعد اموال العراقيين دفع صدام لكثير من المرتزقة من افراد واحزاب، وسير مظاهرات مدفوعة الثمن، وشغل الناس بأكذوبة انه نظام وطني وقومي، وانه سيواجه الامبريالية بل وسيهزمها!!

طيلة السنوات الاخيرة غطت سياسة الطاغية على كل سياسة في العالم العربي، وانحسر التركيز الاعلامي العربي والدولي عن القضية الفلسطينية، وانفرد شارون بالساحة بينما انشغل زبانية صدام بتحريك الشارع للدفاع عن قضية خاسرة، ولخلط الحق بالباطل ولاشغال الناس بقيادة ليس لديها حد ادنى من المبادئ والاخلاق والانسانية.

عندما قرر العرب عقد القمة العربية بشكل دوري، وعندما وضعوا الاولوية للعلاقات الاقتصادية وربط شبكة من المصالح، استبشرنا خيرا وقلنا: اننا اخيراً بدأنا نسير على الطريق الصحيح، لكن الفرحة لم تكتمل، فقد عادت «الحالة العراقية» المستعصية تسيطر على كل الاجواء العربية وتوتر كل الاجتماعات، وانقسم العرب الى دول لا تريد اغضاب الطاغية، ودول تقول رأيها الصريح والقاطع لضرورة وجود نهاية لنظام صدام في الجلسات الخاصة، ولكنها تمارس النفاق في الاجتماعات العامة، ودول «ضاعت بالطوشه»، وقلة كانت تدرك ان استمرار «تدليل» نظام صدام سيشكل كارثة على العرب، ولكن لم يكن احد يصغي!! ولم يتجرأ احد ليقول للطاغية ان يترجل وان يترك العراق للعراقيين!!

نشعر جميعا بعد اسابيع من سقوط صدام ان هناك شهية للاسترخاء، وان هناك انحساراً للغة التخوين والشتيمة، وان الفرصة مواتية لترتيب البيت العربي على اسس جديدة، على انقاض فكر اوصلنا الى المأساة، ومؤسسات عربية اوصلتنا الى الخيبة واكذوبة كبرى اسمها «النظام العربي» الذي كان فوضى عارمة.