تصالح مع نفسك!

TT

كيف يمكن للانسان الذي يستشعر البؤس في كل شيء من حوله أن يضع حداً لمشاعر اليأس والاحباط وفقدان الأمل في الحياة من دون أن يضع باختياره الحر حداً لحياته نفسها؟.. تجيب على هذا السؤال مراكز طبية في فرنسا تقوم سنويا بمعالجة نحو مائة وستين ألف شخص أقدموا على محاولة الانتحار.

يقول جون كلود أوليد اخصائي الطب النفسي في أحد المراكز الطبية بالعاصمة الفرنسية باريس ان فكرة الانتحار لا تكون وليدة اللحظة ولكن أصولها تمتد الى فترة بعيدة تراكمت خلالها مشاعر الاحباط واليأس. ويضيف جون بأن الشخص الذي اتخذ بالفعل قرار الانتحار يستشعر هدوءاً غريباً يشبه ذلك الهدوء الذي يسبق العاصفة، وأن 40% من الأشخاص الذين تفشل محاولات انتحارهم يعاودون المحاولة مرة أخرى ويرجع ذلك الى اعتقادهم الراسخ بأن الانتحار نهاية لمعاناتهم الشخصية.

اليائس من الحياة ـ على حد قول ميشيل ديبو أستاذ الطب النفسي ـ يربط دائماً بين وجوده في الحياة وبين البؤس الذي يعانيه، وهذا الربط قد يصل الى مرحلة لا يمكنه عندها أن يفرق بين وجوده وبين معاناة البؤس، الشيء الذي يطيل من فترة علاج هذا الشخص لأنه يكون بحاجة ماسة الى اعادة تصحيح لبعض المفاهيم والأفكار لديه.

من الحالات التي يقوم ميشيل ديبو أستاذ الطب النفسي بمعالجتها حالة ماجي، 30 عاماً، التي دفعتها معاناتها الشديدة مع زوجها الى طريق الرذيلة، الشيء الذي زادها حزنا وبؤسا وجعلها تكره نفسها وتقرر الانتحار بتناول مجموعة من الأقراص المهدئة، وبعد أن سارع زوجها بنقلها الى المستشفى القريب من منزلهما بدأت مشوار علاج طويل بدأ بغسيل المعدة ثم بعلاج نفسي مكثف.

وجدت ماجي في المركز الطبي بباريس من يستمع اليها بعد اهمال زوجها الطويل لها ومن ساعدها على طلاقها منه، وبدأت بعد ذلك تستعيد حياتها من جديد من خلال البحث عن وظيفة وأصدقاء جدد.

وكارلا، 40 سنة، تركها زوجها الذي كانت تعتمد عليه في كل شيء، فارتبكت حياتها وأصابها اضطراب نفسي وعصبي، أهملت على اثره تربية أولادها الثلاثة، وكان أن شعرت بالضياع وبأن لا جدوى من حياتها، الأمر الذي دفعها الى محاولة الانتحار شنقاً، لكن لحسن حظها لم يكن الحبل الذي لفته حول رقبتها قوياً فلم يقو على حمل جسدها وسقطت على الأرض مغشياً عليها، وبدأت كارلا علاجاً نفسياً وساعدها أطفالها على الخروج من أزمتها والتأقلم مرة أخرى على الحياة بعد أن أحبت نفسها وتصالحت معها.