مصداقية الثماني في إيفيان

TT

مع أن آمالاً عريضة عقدت على قمة الثماني في إيفيان بفرنسا، في رتق الشروخ بين أعضائها، إلا أنها ربما تكون قد عمقت هذه الشروخ التي برزت إلى السطح مع حرب العراق. وقد أراد مضيف القمة، الرئيس الفرنسي جاك شيراك، لهذه المناسبة أن تكون نقطة انطلاق لمساعدة الدول النامية. ولذلك قام بدعوة 12 زعيما من «الجنوب» كوسيلة للضغط على قادة أغنى الدول في عالم اليوم.

ومن جانبهم لم ير الأميركيون في الخطة الفرنسية سوى مصيدة دبلوماسية، الغرض منها عزل الرئيس بوش وحليفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير. فكل الدول المدعوة إلى القمة من دول الجنوب، هي تلك التي عارضت الحرب ضد العراق. وقد رد بوش وبلير على المصيدة الفرنسية بلعبة من ألعاب الحواة كانا يخبئانها وراء ظهريهما. فاقترح الزعيمان توقيع اتفاقية لمنع انتشار اسلحة الدمار الشامل. ورأى شيراك والمستشار الألماني غيرهارد شرودر في الاقتراح الأميركي ـ البريطاني خدعة لإجبار معارضي الحرب ضد العراق، على تأييدها بعد وقوعها. وكان البرود داخل القمة يعني أن من المستحيل التوصل إلى أي اتفاق حول أهم مشروعين على جدول القمة.

المشروع الأول، هو حزمة الاتفاقات الكفيلة بإعادة الثقة في النظام العالمي ودفع الاقتصادات الراكدة في أوروبا واليابان إلى قدر أعلى من معدلات النمو. أما المشروع الثاني، فكان حزمة الاصلاحات التي يمكن ان تدخل الدول النامية بسرعة أكبر في الاقتصاد العالمي. ولكن هنا أيضا لم يصل المجتمعون إلى أي اتفاق محدد. ولم تحصل حتى الخطة الاقتصادية الجديدة للتنمية الأفريقية (NEPAD)، التي أجيزت قبل عام في القمة السابقة بكندا، على الدعم الذي كان يمكن ان يوقفها على رجليها.

هل يعني هذا أن قمة إيفيان كانت فاشلة؟

بمعنى ما الإجابة نعم. فقد كشفت القمة عن انقسامات عميقة، لا شك ستولد مزيدا من الشكوك في النظام العالمي. ولكن بمعنى آخر يمكن اعتبار القمة حدثا إيجابيا. فقد أوضحت أن ثمة رؤيتين للعالم ولمستقبله، وطرحت أمامنا بالتالي فرصة الاختيار.