قمم دولية ـ عربية إيجابية

TT

جولة القمم التي بدأها الرئيس الاميركي بوش، بسان بيترسبورغ، مرورا بايفيان وانتهاء بشرم الشيخ والعقبة، حملت معها اكثر من مؤشر او دليل على ان واشنطن، بعد الحرب على العراق وافغانستان وتغيير نظامي الحكم فيهما، باشرت تنفيذ مرحلة جديدة من استراتيجيتها لمقاومة الارهاب، مبتدئة بازالة جو الخلافات التي قامت بينها وبين بعض الدول الاوروبية الهامة حول الحرب في العراق، وايضا، بل خصوصا، ايجاد حل للقضية الفلسطينية وللنزاع العربي ـ الاسرائيلي.

ومن ظواهر هذا الاتجاه الجديد للسياسة الاميركية الحضور العربي للمرة الاولى في اجتماع الدول الثماني الكبار، ممثلا بالرئيس المصري وولي العهد السعودي والرئيس الجزائري. فهذا الحضور انما هو اعتراف اميركي، بل ودولي، بان المصير العربي لا يبحث خارج مشاركة الدول العربية الرئيسية فيه.

ان انتقال الرئيس الاميركي من قمتي سان بيترسبورغ وايفيان الى قمتي شرم الشيخ والعقبة، تمهيد دبلوماسي، من ابرز ظواهره التصريحات الايجابية التي ادلى بها رئيس الحكومة الاسرائيلية، واللقاءات التي تمت بينه وبين رئيس الوزراء الفلسطيني. وبالرغم من انه لا يُنتظر ان تتوصل قمة شرم الشيخ والعقبة الى حل للقضية الفلسطينية ـ على غرار اتفاق كامب ديفيد بين السادات وبيغن ـ الا انه بات من الراهن او المؤكد ان المواجهات العنفية الدامية بين الفلسطينيين والاسرائيليين سوف تتوقف، وان مشروع خريطة الطريق سيدخل حيز التنفيذ بعد هاتين القمتين.

كثيرون هم الذين يعتقدون ان مآل هذه القمم، بسبب الرفض الاسرائيلي للسلام العادل والشامل، ورفض المتطرفين العرب، هو الفشل، وان جلوس الاسرائيليين والفلسطينيين او السوريين واللبنانيين الى طاولة المفاوضات لا يعني ان هذه المفاوضات سوف تنتهي بالاتفاق والصلح والسلام. ولكن هناك، اليوم، ارادة ومصلحة دولية واقليمية في انهاء الصراع العربي ـ الاسرائيلي، كما ان هناك قناعة اميركية بأن القضاء على الارهاب انما يمر بإنهاء هذا النزاع.

قد تدخل قمتا شرم الشيخ والعقبة التاريخ، وقد تجعل منهما اسرائيل وسيلة لكسب الوقت، ولكن موقف العالم، بل موقف الولايات المتحدة من السلام في الشرق الاوسط، ومن النزاع العربي ـ الاسرائيلي، هو، اليوم، موقف جديد وموقف ايجابي. وقد يكون من الصعب جدا على اسرائيل التهرب من استحقاقاته.