المطلوب من حماس والجهاد

TT

لا قمة شرم الشيخ ستنفع ولا قمة العقبة ستجدي اذا لم تتحرك حماس والجهاد والحركات الفلسطينية الاخرى التي تنفذ العمليات الانتحارية لاعطاء ابو مازن وخريطة الطريق فرصة. فالبديل للاتفاق بين حكومة ابو مازن الجديدة وحركات المقاومة الفلسطينية هو احد امرين: فشل تحركات السلام الحالية او حرب اهلية فلسطينية.

والخياران غير مرغوبين لأن فيهما خسارة كبيرة لا يريدها احد للفلسطينيين. فالنافذة التي فتحت الآن تشكل فرصة من الواجب استثمارها لأن الشعب الفلسطيني يدفع ثمناُ باهظاُ لكل تأخير ولكل فشل، ولأن هذه الفرصة اذا ضاعت لن تتكرر قريبا. فالرئيس الاميركي جورج بوش سينصرف خلال الاشهر المقبلة الى ترتيب حملة اعادة ترشيحه للرئاسة ولن يكرر ما يراه خطأ والده الذي خرج منتصراً من حرب الخليج الثانية وانشغل بقضايا السياسة الخارجية بعدها، ومنها عملية سلام مدريد فسقط في الانتخابات وخسر الرئاسة. وهو ايضا لا يريد ان يكرر ما يعتبره خطأ كلينتون الذي انفق كل جهده ووقته في نهاية فترة رئاسته الثانية لتحقيق السلام بين باراك وعرفات ففشل لأن الوعود التي سمعها لم تتحقق. وبوش يدخل معركة سلام الشرق الاوسط الآن مرغما تحت ضغط عدد من الدول العربية الفاعلة والصديقة للولايات المتحدة التي وضعت مصالحها على المحك من اجل الضغط على واشنطن لكي تضغط بدورها على اسرائيل من اجل تحويل حلم الدولة الفلسطينية الى واقع على الارض، وكذلك تحت ضغط الدول الاوروبية التي ترى أن السلام لن يتحقق من دون دور اميركي جاد وفاعل للضغط على اسرائيل. يضاف الى ذلك ان واشنطن ولندن بعد حربهما في العراق تريان انهما تحتاجان الى اعادة بناء الجسور مع العالم العربي، وان افضل السبل لاثبات حسن النيات هو القيام بجهد كبير لدفع عجلة السلام في الشرق الاوسط، وهو تفكير يكتسب زخما اكبر في ظل الجهود الدولية للحرب ضد الارهاب. فالكثيرون في العالم يرون ان موجة الارهاب الراهنة تركب موجة السخط على سياسة واشنطن في الكيل بمكيالين في الشرق الاوسط وفي العالم الاسلامي، وانه لا يمكن خوض حرب ناجحة ضد الارهاب اذا لم تعالج بؤر التوتر ومكامن الظلم في عدد من القضايا وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

ان الشعب الفلسطيني في كفاحه الطويل لم يحقق الكثير من المنجزات على الارض ومعاناته تتفاقم اليوم اكثر من اي وقت مضى، والدرس الذي يجب ان نستوعبه هو انه لا يكفي ان يمتلك المرء قضية عادلة لكي يربح معاركه، بل يجب ان يتعلم الانسان كيف يحارب وكيف يتأقلم مع الواقع من اجل كسب حروبه. واليوم يبدو واضحا ان العمليات الانتحارية اصبحت عبئا كبيراً على قضية الشعب الفلسطيني ويجب ايقافها. والمطلوب من حماس ومن الجهاد ومن كل الحركات المسلحة الفلسطينية الاخرى ان تقوم بدورها في السلام ايضا وان تعطي الدعم لحكومة ابو مازن ما دام ان العالم قرر ان يضعها امام امتحان خريطة الطريق. فتخريب هذه الفرصة لن يكون فشلا لابو مازن وحده بل ستتحمل مسؤوليته الحركات الفلسطينية الرافضة، وسيدفع ثمنه الفلسطينيون الذين تعبوا من المعاناة الطويلة ومن دوامة القتل والهدم ومن الاحتلال.