معاهدة سلام في القرن الأفريقي

TT

في خطوة لم تنل التغطية الاعلامية المناسبة لأبعادها، توصلت اريتريا واثيوبيا الى معاهدة سلام ستضع حدا لحرب من بين الاكثر دموية في القارة الافريقية.

جاءت اتفاقية السلام، التي وقعت في الجزائر، نتيجة للجهود الدبلوماسية التي بذلها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الذي يستحق قسطا وافرا من التقدير عليها. كما لا بد من الثناء على كل من القيادتين الاثيوبية والاريترية اللتين تنازلت كل منهما عن مقدار من كبريائها، ونحت جانبا جبالا من الكراهية والريبة لوضع حد للنزاع.

وقد تظل ابعاد المأساة التي تسببت بها هذه الحرب العقيمة، والتي تركزت حول قطعة من الاراضي الصحراوية، غير معروفة الى الابد. بيد انها اودت بارواح آلاف من الاشخاص، من بينهم كثير من المدنيين الابرياء، وتراجع اقتصاد هاتين الدولتين الافقر في افريقيا سنوات عديدة الى الوراء. وقد تمتد عمليات تبادل اسرى الحرب ومساعدة النازحين على العودة الى منازلهم، وتعمير المدن والقرى المهدمة في اريتريا على مدى جيل كامل.

اما المطلوب الآن فهو ايجاد آلية لمنع اندلاع مثل هذا النزاع في المستقبل. وقد نوقشت هذه الفكرة خلال القمم الافريقية المختلفة وفي الامم المتحدة. غير انه، والى الآن، لم تطرح مبادرة جدية للمضي في هذا الاتجاه. ومن الافكار المطروحة انشاء قوة حفظ سلام افريقية يمكن نشرها في الامكنة والاوقات التي يبدو ان عناصر نزاع تغلي فيها.

ولم تلق هذه الفكرة غير دعم فاتر من ادارة الرئيس الاميركي كلينتون التي عجزت عن وضع سياسة افريقية مجدية. غير ان ادارة الرئيس بوش الجديدة قد تكون في وضع يمكنها من الاخذ بعين الاعتبار موضوع تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي المطلوب لتشكيل قوة حفظ السلام هذه.

ومن بين الافكار المطروحة تشكيل فريق دائم لتدبر الازمات عند نشوبها، يتشكل من الشخصيات السياسية الافريقية المتقدمة في السن، مثل رئيس دولة جنوب افريقيا السابق الرئيس نيلسون منديلا، للتوسط في جهود التوصل الى صفقات سلام قبل تطور اي نزاع الى حرب حقيقية.

ويأتي اتفاق السلام الاثيوبي الاريتري ليدعم فرص السلام والاستقرار على طول منطقة القرن الافريقي. ومع العودة البطيئة ولكن المتواصلة لبنىة الدولة في الصومال، وحلول اجواء التغيير البنّاء الممكن في السودان، ربما تكون منطقة القرن الافريقي في طريقها للخروج من وهدة اللا استقرار المظلمة التي وقعت فيها قبل اكثر من 15عاما.