طبيخ جيد ودراما سيئة

TT

في غفلة من الزمن صارت فادية خطاب نجمة، او هكذا يقولون عنها، في برنامج الطبيخ الذي تقدمه على الفضائية السورية باسم «صحة وصحتين وصحة» وهو برنامج تختلط فيه الكزبرة بالدراما والبصل بالغزل والثوم المحمر مع الشعر الحديث. والعجائب ليست هنا فحسب فـ (وت سو كولد) نجمة استطاعت ان تستضيف هدى شعراوي بجلالة قدرها في واحدة من حلقاتها التي تراها بالانف والمعدة لانه لا حاجة اصلا للعين.

وقد بدأت تلك الحلقة بالزجل الشعبي ثم جاء شعر الست هدى في التغزل بالقطايف والكرابيج وهما من انواع الحلويات السورية الرمضانية، فالسيدة التي تحمل بالصدفة اسم رائدة تحرر المرأة في العالم العربي لا تأكل القطايف ان لم يكن السمن عليها طايف ولا تأكل الكرابيج إلا بمية الصهريج ولو كان وقت البرنامج اطول وتركت لها فادية الحبل على الغارب لوضعت لكل طبخة معلقة ادسم من الثريد بالحديد.

وقد بدأنا بالنجيمة لأن النجم دريد لحام بدأ يكبو منذ ان شارك في تلميع طنجرة ذات ماركة عالمية في المطابخ التلفزيونية، فمسلسله على الفضائية السورية هذا العام (عائلتي وأنا) ليس فيه نكهة غوار القديم الذي يعرفه الناس.

ولا تقل لي انه السن فهذا هو فؤاد المهندس يقدم مسابقات عمو فؤاد على الفضائية المصرية منذ ثلاثين عاما ويزداد تألقاً عاما بعد عام، فما الحكاية يا استاذ غوار، هل هو السن فعلا؟ أم نضبت القريحة وسدت انف الموهبة روائح مطبخ سبع صحات وعشر علل الصادرة من مطابخ الفضائية السورية، التي ـ نجمت ـ فادية وغيرها من قلة النجمات والنجوم.

وعلى ذكر عمو فؤاد ومسابقاته الخاصة بالاطفال فالملاحظ هذا العام خفوت صوت الفوازير التي كانت تقوم لها الدنيا وتقعد في الايام الخوالي ويدور حولها النزاع بين النجمات والنجيمات والقنوات المحلية، والفضائيات، لكنها هذا العام ومع وجود نيللي احدى فارساتها القديمات خافتة كابية وكأنها رغم البذخ في الملابس غير موجودة على الخريطة الرمضانية.

ان برامج المسابقات ذات الجوائز المادية الفورية هي التي تتقدم وتأخذ مكان الفوازير، وبرنامج MBC «من يربح المليون..؟» خير دليل على هذا التوجه الذي يرتاح إليه المشاهد بعد ان تعب من حكاية الفوازير، ومل حياته من تكرار اسلوبها ونجومها وافكارها.

ونأتي إلى مسلسلات رمضان ومعظمها مصري الصنع بحكم العادة والتجذر الدرامي وتركز صناعة السينما العربية والتلفزيون في ذلك البلد الفني العريق، وأول الملاحظات ان مسلسل زيزينيا الشهير بدأ يفقد طعمه وبهجته واثارته، ففيه حلقات ابرد من ايس كريم في جليم، وهذا طبيعي مع اي عمل يتم تكرار افكاره.

لقد نجح رامبو ثم روكي فصنعوا من كل منهما (ون وتو وثري) وكذلك فيلم الصرخة والعراب والمهمة المستحيلة ودائما النتيجة واحدة، فالفيلم الثاني والثالث أسوأ دائما، واقل اهمية من الفيلم او المسلسل الاول.

وكان يفترض بالذين اعدوا زيزينيا ان يستوعبوا هذا الدرس لكنهم لم يفعلوا، وهذه الملاحظات لا تقلل من قيمة ذلك العمل الذي ينهض على اكتاف يحيى الفخراني بعد ان تركته آثار الحكيم.

ورغم هذه الملاحظات فان ذلك المسلسل يظل افضل من استعراض الملابس الذي تقدمه يسرا مع هشام عبد الحميد تحت اسم فخم منمق هو «اوان الورد» وافضل من مسلسل بدأ مثيراً وبدأ يفقد طعمه وهو خيال الظل احدث ما يقدمه يحيى العلمي.

والحقيقة المعروفة التي يؤكدها هذا المسلسل ان احمد راتب نجم من الطراز الاول فلماذا يحرمونه دائما من ادوار البطولة الاولى..؟ وها هو في دور الاعمى هاشم كما في دور القصبجي في رمضان الماضي يثبت انه صاحب قامة عملاقة في الاداء والتمثيل.

ان مسلسلات رمضان هذا العام مثل الطبيخ الرديء تضطر لأكله لانك جائع اولا، ولانه ليس هناك غيره ثانيا، ولا اريد ان اصرح بـ (ثالثاً) لان الملاحظة تخدش الحياء الفني لبشر لا يتعلمون من اخطائهم، وتلك ابرز صفة من صفات الحمقى.