وحدة الموقف الفلسطيني

TT

لن يستطيع الفلسطينيون عبور المرحلة الجديدة من عمر قضيتهم إذا استمرت الخلافات والمشاحنات بين الفصائل المختلفة، وإذا استمرت عمليات التحريض التي تقوم بها بعض الأطراف الفلسطينية ضد رئيس الوزراء الفلسطيني محمود عباس.

كل طرف فلسطيني يدعي تمثيل الفلسطينيين، ويتكلم بالنيابة عن «الشعب» في وقت تعاني فيه الأغلبية الساحقة ضنك العيش والبطالة والتشرد، والقيادة الفلسطينية والمنظمات المختلفة لا تمتلك أية آليات لتحسين ظروف حياة الناس، وتوفير الحد الأدنى المطلوب للعيش بكرامة، والسلاح الحيد الذي تمتلكه هو وحدتها ورفض الصراع الذي قد يؤدي إلى الاقتتال، وهو حلم جميل للإسرائيليين وعلى رأسهم شارون.

نفهم أن تبدي بعض الأطراف الفلسطينية ملاحظات جدية على خريطة الطريق، وعلى قضايا اللاجئين والقدس والمستعمرات وغيرها، لكن مصدر الخطر على القضية هو تلك القوى التي ترفض السلام من حيث المبدأ، وتطرح طرحا عدميا لا علاقة له بالواقع، وهي في الوقت ذاته لا تملك البديل، وليس لديها القوة لتحقيق برنامجها، وليس لديها ما تقدمه للشعب سوى الشعارات التي لم تطعم جائعا ولم تحرر أرضا.

هناك تصاعد مؤسف للخلافات الفلسطينية، وهناك من يشن حملة ضد رئيس الوزراء الفلسطيني دون أن يحدد نقاط الاختلاف معه، ودون أن يقدم برنامجا بديلا للسلام يضعه في مواجهة ما هو مطروح الآن في خريطة الطريق.

ربما تؤدي حالة الإحباط التي يعيشها الفلسطينيون إلى قبول الطرح المتطرف والعدمي كرد فعل على سياسات شارون الإرهابية، ولكن هذا أمر مؤقت، وسيكتشف الفلسطينيون بعد ذلك أن هذا الطرح لن يقدمهم خطوة واحدة إلى الأمام، والأمل أن يحدث ذلك دون الحاجة إلى إراقة مزيد من الدماء الفلسطينية في حرب ليس فيها سقف سياسي محدد، ولا مطالب محددة.

سلاح الفلسطينيين وحدتهم، وسيرتكبون حماقة كبيرة في حق أنفسهم، وسيقدمون هدية مجانية لشارون إذا استمر تصاعد الخلاف، وإذا وصل إلى نقطة الانفجار، وهو أمر محتمل.