هل هناك رسائل في بريدي؟

TT

يوم الأحد الماضي قدمت «نظرية موجزة عن كل شيء»، حول لماذا يبدو أن العديد من البشر متضايقون من أميركا. وتقول الأطروحة أن أميركا قد بدأت تؤثر على حياة بشر آخرين أكثر مما تؤثر عليهم حكوماتهم وبالتالي فإن كل البشر على امتداد العالم يريدون أن يكون في مقدورهم التصويت حول سلطة أميركا. ودعوت القراء إلى إرسال أفكارهم عن ذلك عبر البريد الإلكتروني.

لن أفعل ما فعلت مرة أخرى أبداً.

وهكذا فقد تسلمت حتى الآن 8 آلاف رسالة إلكترونية من أميركا ومن جميع أنحاء العالم. وحاولت أن أقرأ نموذجاً كل يوم. وقد برز موضوعان أحدهما هو: كم من البشر الآن يهتمون بالسياسة الخارجية عشية 11 سبتمبر (ايلول) والعراق.

إن الجدات والطلاب والطالبات والسياح والمهاجرين وكل شخص، يشعرون أن العالم أو أميركا تؤثر على حياتهم وكل منهم يريد أن يسمع صوته.

كثيرون من البشر قلقون بسبب أن أميركا صارت معزولة عن العالم، وكثيرون يلومون فريق بوش، وآخرون يلومون العالم لكن هناك شعوراً قوياً بأن شيئاً هاماً قد فقد وهذا يفسر لماذا استطاعت معظم الرسائل التي وصلت أن تمس شغاف القلب.

كتب طالب دراسات عليا أميركي ـ صيني يقول «إن السؤال الذي طرحته حول كراهية أميركا هو سؤال ملتهب... لأن الولايات المتحدة كانت منارة للأمل خلال نصف القرن الماضي (هذا) للمحرومين والمجروحين واللاجئين ـ وأنا أحدهم ـ وذوي الآمال العراض في العالم. والأكثر أهمية أن الولايات المتحدة وحتى يومنا هذا ظلت تعتبر الحكم العادل للعالم، القاضي العادل، وبالرغم من عضلاتها التي تفوق عضلات الآخرين فإنها شرطة عادلة لا خوف منها... وقد كانت كل القوى الإمبريالية السابقة عليها في العالم تقريباً على عكسها تماماً... إن العالم يقول ان الولايات المتحدة قد صارت سيداً أنانياً للعالم يبرر لنفسه ما يفعله... إن العالم لا يريد أن يراكم تتحولون إلى مجرد قوة إمبريالية أخرى... إننا نعرف ذلك الفيلم جيدا... لقد خرجنا أثناء العرض... هل تتذكر؟ إن أميركا التي نحبها كانت إلى جانب الفقراء ومن لا حول لهم ولا قوة... نعم لقد تقبلنا القصة كاملة... وكنا محقين في ذلك... أنا لست متأكداً ما إذا كانت أجيال المستقبل على امتداد العالم ستشعر بمثل ما شعرنا به تجاه أميركا».

لقد سلط العديدون الضوء على الرئيس بوش في ذلك، فكتب بول يقول: «العديد منا على امتداد العالم يشعرون بالخوف، نعم انهم خائفون بسبب القوة التي لا معارض لها لإدارة لا تضع نهائياً أي اعتبار لمن يختلف معها وتهدد مستقبل هذا العالم بلا مبالاتها بأي شيء خارج خططها الخاصة، وهي إدارة تهتم بمصالح قلة قليلة من مجموعات ومؤسسات أكثر ثراءً».

هناك آخرون أكثر ترفقاً ببوش. كتب روجر يقول «سواء كان الأمر خيراً أم شراً فالعالم يتكون من عصبة من المتهورين المراهقين الذين يعتبروننا نحن الولايات المتحدة، آباء لهم. إنهم يطلبون حمايتنا وعوننا (مساعدتنا المالية). إنهم يريدوننا خارج غرفهم حين تكون مرتبة، أحراراً في خداعنا، لكنهم يأتون إلينا حين تكون عندهم مشاكل. إنهم يريدون مفاتيح سياراتنا والمزيد من المال.. كي ينفقوه كما يريدون أحراراً في التجول مع أصدقاء مثيرين للشكوك، ويبقون في الخارج حتى وقت متأخر ويسرقون منا ويخدعوننا ودائماً يتوقعون أن نظل على الدوام مستعدين للوقوف بجانبهم كلما ادلهمت الأمور وصارت صعبة عليهم. وأكثر من كل ذلك فإنهم لا يريدون تحمل أي مسؤولية تجاه سلوكهم. علينا فقط أن نتفهمهم. كيف يتجاوزون ذلك؟ الإجابة الوحيدة هي أن على الصبية أن يشبوا عن الطوق ويدركوا أن آباءهم لا يملكون كل الإجابات وفي أحسن الأحوال هم أنفسهم (الآباء) لم يبلغوا حد الكمال».

وقد جادل عديدون بأن بوش قد يكون في أحيان كثيراً مصيباً على المستوى الجوهري لكن أسلوب فريقه الصادم يعزل حتى الأصدقاء طويلي العهد في صداقتهم. وقال مايك «اعتقد أننا على وجه العموم مصيبون. فالأسواق الحرة شيء جيد وحرية التعبير شيء جيد ومواجهة الشر شيء جيد وضروري. لذلك فإننا لا نستطيع أن نمنح بقية العالم فيتو (حق النقض) على هذه الأشياء لكننا نستطيع أن نمنحهم آذاننا. ويمكن أن نوضح باحترام، وضوح النهار، أننا نتفهم مخاوفهم ونشعر بآلامهم وهاهي الأسباب التي نختلف فيها... أخيراً نعتقد أننا على حق... إن هذه القيم ستجعل بلداناً أخرى غنية وقوية أيضاً... لكن ربما الأكثر أهمية من ذلك هو كيف نقول ذلك. إن بوش ظل بسيطا في انتقاداته في ما يتعلق بذلك... إذا وضعنا نفس المقاطع على أنغام بتهوفن وغيرشوين اعتقد أننا قد نخلق انسجاماً عظيماً. هذا كان موضوعاً تمتع بشعبية كبيرة. وقد قال أحد القراء «أنا عازف جيتار وأعمل نصف دوام كعالم اجتماع. كل ما أعرفه هو أنه يمكن أن يكون لك حضور جسدي كبير في منتدى ما لكن يجب أن لا تسخر من الناس وأن تكون ضاغطاً أو ترد على العدوانية بلكمة. لقد علمتني أمي أن التعامل مع الناس باحترام هو الطريق الوحيد لنيل ثقتهم. كن حذراً لكن عامل الناس باحترام».

فليمنحكم الرب من نعمته، ويمكنكم أن تتوقفوا الآن عن الكتابة لي حول هذا الموضوع.

*خدمة «نيويورك تايمز» ـ خاص بـ «الشرق الأوسط»