الكويت.. ديمقراطية الفتاوى!

TT

مسلسل آخر من التلاعب بالفتاوى، ومسرحه هذه المرة الكويت، فهذا نائب كويتي يحاول الاستعانة بمستشارين لحملته الانتخابية، وعلى استعداد لدفع مبلغ ليس بالقليل لكل فرد منهم مباشرة، ومثلها بعد النجاح في الحملة الانتخابية، الكويتيون قالوا انها محاولة لشراء الاصوات، فما كان من المرشح الا محاولة اللجوء لمن يفتي له بشرعية هذا التصرف.

فما شأن الفتاوى بانتخابات يفترض ان تكون لها قوانين تنظمها، وقابلة للنقض من خلال قنوات معينة، فبدخول لعبة الانتخابات يكون المرشحون قد قبلوا بقانون اللعبة، بنزاهته وخشونته، اما اللجوء الى الفتوى فيمثل جدلا غير ذي جدوى وتجييشا لعواطف اناس مسالمين، واستغلال الدين في ديمقراطية يفترض فيها انها للناس ومن اجلهم، فالفوز في المقاعد يجب ان تكفله صناديق الاقتراع، وفق شروط اللعبة، لا الفتاوى، فقط تخيلوا مباراة كرة قدم، يطالب فيها احد الفريقين ايقاف اللعبة لاخذ فتوى؟ فإذا كان المسلمون قد عطلوا الاجتهاد منذ اعلن ذلك ابن الصلاح في القرن الخامس الهجري، فلماذا لا يعطل الكويتيون الفتاوى فترة الانتخابات؟

القضية هنا ليست للتقليل من شأن الفتاوى او المطالبة بالغائها، بل من اجل تنزيهها، وذلك لا يتم الا بتقنين استخدامها لكي لا تصبح سلاحا لكل من اراد تحقيق منفعة ديمقراطية كانت او سياسية او حتى تجارية، والقضية ليست الكويت وحدها، وان كان المثال هنا صارخا.

فقط تأملوا حال عالمنا العربي منذ اعقاب 11 سبتمبر، كم من الفتاوى التي باتت تديننا، وتتسبب بمشاكل امنية واجتماعية، حيث الكل يتحصن بسلاح الفتاوى، حتى باتت لدينا جبال متراكمة من الفتاوى، حدث ذلك نتيجة للاحداث التي لحقت بتفجيرات نيويورك وواشنطن، وطالت نارها اهل الفن والعلم، وصولا للحرب الاميركية على افغانستان ومن ثم على العراق، وكذلك تفجيرات الرياض، وآخر مثال على ذلك فتوى يلوح بها وزير العدل الاميركي اشكروفت لسعودي يجيز قتل عشرة ملايين اميركي، حتى باتت لدينا برامج تلفزيونية خاصة بالفتاوى، ومواقع على الانترنت تحت مسمى (فتوى دات كوم)، وكذلك زوايا صحافية بعضها ملح، ومعظمها سوق لمن يريد الربح سياسيا او اقتصاديا، وبعد كل ذلك نجد انفسنا اليوم امام انتخابات تستغل فيها الفتاوى! المحزن اننا لم نسمع عن فتوى تخص التنمية والبناء والحث على المعرفة؟ ومثل ما قال احدهم «ليس لدي كراهية، وانما لدي مرارة من بحر الفتاوى التي نعوم فوقها او نغرق بها، ولا فرق»!

[email protected]