ضرورة الحوار في إيران

TT

ظلت إيران غالبا وبطريقتها الغريبة نموذجا للتصرف السياسي الصحيح أوالسيئ ضمن الجزء الذي تقع فيه من العالم. معظم الحركات الإصلاحية الإسلامية التي نشأت في القرن التاسع عشر كانت لها جذور في إيران وفي مناطق مجاورة أخرى. فأول حكومة دستورية في العالم المسلم تأسست في إيران. لكن إيران كانت رائدة ايضا في ميدان الحروب الأهلية والانقلابات العسكرية بل حتى في ميدان الثورات ذات الطابع الأوروبي.

لذلك فإنه ليس مفاجئا مع خلفية تاريخية كهذه أن تجذب الأحداث في إيران انتباه دول المنطقة وما وراءها. فلأكثر من أسبوع تعيش طهران ومدن إيرانية أخرى مظاهرات احتجاج يقودها في أغلب الأحيان الطلبة. وتهدف هذه المظاهرات إلى إجبار السلطات على القبول بتحقيق مجموعة من الإصلاحات الاجتماعية والسياسية. وكان رد فعل السلطات مزيجا من اللين والحزم. ولحد الآن لم تقع أحداث عنف.

وهنا يطرح هذا السؤال الجوهري والبسيط في آن واحد نفسه: هل بإمكان الإيرانيين أن يحتفظوا بالحوار السياسي ضمن حدود الدستور الحالي وتجنب الانجرار إلى تكتيكات ثورية تؤدي إلى العنف؟

بالتأكيد هناك بعض العناصر التي تحاول من داخل المؤسسة الحاكمة وبين المعارضة للدفع باتجاه العنف حتى لو كان ذلك يعني حربا أهلية. فبعض رجال الدين المتشددين اعتبروا المتظاهرين «مرتزقة للقوى الأجنبية». وهذا التقييم الغريب وراءه سببان، الأول هو أن المتظاهرين دعوا إلى تطبيق المشروع الإصلاحي الذي طرحه الرئيس الحالي خاتمي، والثاني هو أن حركة المعارضة موجودة على جميع المستويات داخل المجتمع حتى داخل البرلمان والحكومة. وعلى الطرف الآخر من الطيف السياسي هناك عناصر من المعارضة التي تحاول تشجيع أعمال العنف عن طريق الدعوة إلى إسقاط النظام.

إن الحوار قادر على إغناء الحياة السياسية في إيران وتمهيد الطريق امام الإصلاح، بل إنه قادر على معالجة حتى المسائل المعقدة ضمن احترام متبادل بين الطرفين.