بانتظار الانتخابات الكويتية

TT

نفوز في الانتخابات او لا نفوز. تلك هي المسألة التي تشغل بال الكويتيين هذه الايام. لا مسألة ما يجري في العراق، ولا التطورات المتسارعة في النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ولا حتى التقارير التي تتحدث عن زلازل وامراض قد تتعرض لها المنطقة.

فهذه الامور ربما تدخل في صلب السياسات العليا التي ليست من اختصاص العاديين، أو ضمن نطاق تغطيتهم. فالناس هنا في الكويت لم يعد يهمها سوى ان تعرف ماذا سيحدث لأحمد السعدون في دائرة الخالدية، وما سيكون مصير احمد باقر في القادسية، وهل سيحقق الدكتور سعد بن طفله المفاجأة في مشرف، ومن سيربح في حرب الاخوة بين جمال وعلي العمر في العديلية، وباسل وحجي الجاسر في الروضة؟

فجأة، بعد ان اطمأن الجميع الى ان الحرب في العراق انتهت فعلا، وان نظام صدام حسين ذهب بالفعل الى مزبلة التاريخ، انفتحت الشهية على الانتخابات النيابية، فكر المرشحون بالمئات (276 مرشحا)، وارتفعت صورهم على إشارات السير وأعمدة الانارة، وغصت المقرات الانتخابية بالناخبين الذين جاؤوا بأعداد كبيرة ليختبروا مرشحيهم، ويتعشون على حسابهم.

ورغم ان المعركة الانتخابية بدأت باردة هذا العام، فإن حرارتها بدأت ترتفع تدريجيا ،تماشيا مع حالة الطقس في مثل هذا الوقت من العام. ولولا المهلة الدستورية المفروضة لاعتبر البعض ان تحديد موعد الانتخابات في 5 يوليو (تموز) هو جزء من المؤامرة التي تدبرها الدولة على الديمقراطية. وكانت قد صدرت ايضا اتهامات اخرى من هذا النوع خلاصتها ان الحكومة اقامت صندوقا خاصا لمساعدة مرشحين محسوبين عليها في الانتخابات المقبلة. ويفهم من هذا الكلام انه ليس للحكومة الحق في ان يكون لها نوابها او مؤيدوها، ولا ان تعمل على ايصال مرشحين موالين لها، كما هو الحال في الكثير من الديمقراطية الغربية، وتحديدا في الولايات المتحدة وبريطانيا.

ويطرح مثل هذا الكلام تساؤلات كثيرة باعتبار ان البرلمان هو معارضة وموالاة معا، وحق متساو لكل الناس، ومنافسة مشروعة امام الجميع مادامت الاساليب المتبعة دستورية وقانونية. والشيء الوحيد المحظور في هذا المجال هو التزوير والضغط واستغلال النفوذ، وهذا ينطبق على الجميع، بغض النظر عن ميولهم وانتماءاتهم او اتجاهاتهم.

بالطبع، من المهم جدا ان نعرف من خلال الانتخابات المقبلة، نوعية النواب الجدد والعائدين، الا ان الاهم سوف يظل في نوعية التجربة المقبلة، وطبيعة العلاقة بين البرلمان والحكومة، ونوعية الحكومة نفسها. والمقصود بطبيعة العلاقة بين الفريقين ليس ان يكون المجلس مدجنا برفع الايدي، فهذا الامر لا يفيد احداً، ولا المقصود ان تكون هناك مصالحة ابدية لا تحرق ولا تغرق، لان هذا الامر ايضا لا يفيد احداً. بل المقصود أن يكون الخلاف على مستوى، والوفاق على مستوى، والنقاش على مستوى. والمطلوب في كل الاحوال ان تخرج الحكومة من حالة التعثر التي دخلت فيها منذ فترة لتواجه الاستحقاقات والتحديات الكثيرة المقبلة عليها وعلى المنطقة.

والمشكلة ان هذه التحديات لم تعد سياسية او امنية فقط، ولم تعد تحديات الستينات والسبعينات، بل هي تحديات انخفاض الدخل، وزيادة المصروفات، وتضاعف الاحتياجات، وتذبذب سوق النفط، وانخفاض احتياطي الاستثمار... وحتى مواجهة البطالة. ومثل هذه التحديات لا يمكن مواجهتها الا بتحقيق التوازن في الادوار والمهمات والاداء، بحيث يشعر البرلمان انه يتصرف كمجلس، وتشعر الدولة انها لم تفقد هيبتها او دورها او علاقتها بالناس.