البرلمانيون العرب والموقف المخزي

TT

فاجأني ما ذكره رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الأمة الكويتي محمد جاسم الصقر الذي قال ان البرلمانيين العرب في اجتماعهم في بيروت رفضوا ادانة المقابر الجماعية. هل يعقل ان ممثلي الأمة العربية يرفضون الالتزام بأدنى قواعد اخلاق المهنة التي يمثلون فيها شعوبهم، او يفترض انهم يمثلونهم؟ هل يعقل انهم يعجزون عن نطق كلمة تعاطف انسانية في حق آلاف من الناس راحوا ظلم الديكتاتورية العربية؟

اطفال ونساء وشيوخ وشباب امتلأت بهم المقابر التي نفذت بقرارات عاقبت بلا حدود.

ان كان صحيحا ان البرلمانيين العرب قد رفضوا ادانة المقابر الجماعية فهذه وصمة عار كبيرة في تاريخهم وتاريخ العمل السياسي الشعبي العربي، الذي هو اساسا محط هزء العالم في نتائجه واعماله. فأي مؤتمر للبرلمانيين يعجز حتى عن نطق كلمة أسف على ما حدث للشعب العراقي الذي فقد الكثيرين في مقابر حفرت في المساجد والمدارس ودور السجن. ان كلمة تعاطف من المؤتمرين ليست كثيرة في حق العراقيين الذين فجعوا بأكوام عظام آلاف المواطنين الذين قتلوا ودفنوا جماعيا بأحذيتهم وملابسهم.

نعم اللوم يقع على البرلمانيين العرب اكثر من الحكومات او المؤسسات الشعبية الأخرى. فهم، كما يفترض، صوت الناس وضميرهم. هم رقباء العمل الحكومي. بل هم اختيروا لتقييد الديكتاتورية الحكومية، للوقوف في وجه مثل هذه الجرائم المحتملة. فاذا كانوا رفضوا كلمة تعاطف فنحن نشهد برلمانيين مزورين ومن حق الناس ان تعرف حقيقة ممثليهم كما هي. فلا يستطيعون ان يزعموا انهم لم يروا المقابر، وقد بثتها كل تلفزيونات العالم. لا يستطيعون ان يدعوا انهم يريدون عدم احراج حكوماتهم حيث لم يعد هناك حرج وقد تبخر النظام الذي ارتكب كل هذه الفظائع، وليس بمستطاعهم ان يخلطوا بين التحسر على ما حدث للشعب العراقي في قضية المقابر الجماعية والخوف من ان يعتبر هذا تأييدا للمحتل الاميركي، فالفارق كبير.

ان البرلمانيين العرب يوم اختصروا شجبهم على ما يفعله الصهاينة وضد الهجمة الاجنبية ونسوا، عامدين، ما ارتكبه المجرمون بين ظهرانينا، يعبر عن حالة النفاق التي لا بد من وقفة ضدها. فبأي منطق يمكن ان يقف السادة ممثلو الشعب العربي امام انظار سيدة عراقية جلست تنتحب امام احد القبور المنبوشة التي دفن فيها كل اطفالها بعد قتلهم. آلاف الناس رأيناهم يجمعون رفات اهاليهم في اكياس.

الحقيقة، ساءنا ما ذكره الصقر عن زملائه البرلمانيين العرب الذين امضوا لياليهم مرتاحين في فنادق فخمة في بيروت، رافضين كلمة تعاطف مع اهالي ضحايا المقابر الجماعية التي تمثل اكبر وصمة عار في تاريخنا. فأي برلمانات هذه وأي برلمانيون هم؟