مراجعات في «الشرق الأوسط»

TT

لا احد يراجع او ينقد ما تنشره هذه الصحيفة. وهو شيء مطلوب. ولهذا دعوني أسد هذه الفجوة بالتعرض لعينة من عيناتها.

اولا نشرت نقدا لروايتي الاخيرة «من جد لم يجد». جاء المقال مغفلا ولم يرد لكاتبه ذكر مما يوحي بأنه كان يخشى من انتقام روائي عراقي في آونة فقد فيها العراقيون عقلهم. التقيت بالزميلة هاديا سعيد، فقالت لي هذا كان نقدا رائعا لروايتك. قلت لها طبعا، انه نقد رائع لروايتي. فأنا الذي كتبته. فتحت فمها ورفعت حاجبيها الجميلين مصعوقة. قالت، كيف هذا شيء عيب. قلت ما العيب فيه؟ هذه روايتي ومن اجدر بنقدها مني؟

هذا ما افعله دائما بكتبي. اكتبها واحررها واطبعها وانقدها. وعن قريب سأصنع الورق الذي تطبع عليه.

فكما يتذكر القراء انني لا احمل اي احترام للمثقفين العرب. فكيف اسمح لواحد منهم بنقد ما اكتب؟ انهم اما مداحون او قداحون. سيمدحونني عندما يتصورون انني استطيع ان اعطيهم وظيفة في «الشرق الاوسط».. ويشتمونني عندما يكتشفون ان ادارة هذه الجريدة لا تعبأ قط بما اقول.

الزميل عدنان حسين وافانا بتقرير من بغداد ذكرنا بالمقلب الذي فعله اولاد الحلال في عهد عبد الكريم قاسم باذاعة صوت العرب عندما بعثوا اليها ببرقية بتوقيع عباس بيزة وحسنة ملص. قال الزميل انهما كانا من شخصيات المبغى العام في بغداد، الاول كقواد والثانية كمومسة. يظهر ان اخانا عدنان لم يكن من رواد تلك المؤسسة غير المحترمة، فليسمح لي ان اصحح له قوله احتراما للتاريخ في مثل هذه المسألة المهمة. عباس بيزة لم تطأ قدماه تلك المؤسسة ابدا. ولم اتشرف بلقائه فيها قط. كان في الواقع واحدا من المجانين الكثيرين في بغداد. ولكنه بزهم جميعا بعدة اشياء. منها انه لم يستلم الحكم. ثانيا كان محبا للاطفال. كانوا يمشون وراءه في الطرقات ويرشقونه بالحجارة. وكان هو ينفعل منهم فيلتقط الحجارة بغضب ويرمي بها اي احد يجده امامه. وهو ما كنا نفعله دائما. كلما تلقينا ضربة من اسرائيل فهجمنا وضربنا يهود بلدنا. وهو ما اصبح معروفا في السياسة العربية بأسلوب عباس بيزة. وهو ان تنتقم من البريء عما يصيبك به المسيء.

كان عباس بيزة ايضا محبا للاطفال. ففي احد الايام قرر الآباء ان يعطفوا عليه بمنع اولادهم من ضربه والجري وراءه. فراح يتلفت يمنة ويسرة ويتمتم مستاء: «وينهم هالأولاد الكلب؟ وين راحوا اليوم؟».

الزميل امير طاهري وقع في الخطأ الشائع بترجمة الاقوال الغربية قال من يحنون الى صدام سيتلقون البيض الفاسد بوجوههم. القول مشتق من دأب المعارضين الغربيين برشق خصومهم بالطماطم والبيض الفاسد. ينطبق ذلك عليهم لأنهم عندهم بيض فاسد. في بلادنا اين هو البيض ليفسد؟ وهل سيتركه الناس ليفسد؟ وهو ما يذكرني بالاعرابي الذي استضاف حضريا بأكلة «ثريد»، فسأله الضيف ماذا تسمون هذا؟ فقال نسميه بالسخين. فسأله الضيف وماذا تسمونه اذا برد؟ فأجابه الاعرابي: «وهل نتركه حتى يبرد؟»