ما زال الطريق طويلا

TT

دماء كثيرة ستهدر قبل ان نصل الى سلام حقيقي في الصراع العربي ـ الاسرائيلي او تحديدا الصراع الفلسطيني ـ الاسرائيلي.

هناك قوى ترغب في سلام حقيقي، وهناك قوى تحارب اية محاولة للسلام لانها تعيش على تفكير شمولي مرجعيته الحقيقية هي الحلم بهزيمة «الطرف الآخر» واستسلامه.

واقع الحال سواء اعجبنا ذلك ام لا يعجبنا يقول بان الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي عاجزان تماما عن تحقيق النصر بهزيمة الطرف الآخر، على الاقل في المستقبل القريب، ولذلك نجد الاطراف الرافضة للسلام في الطرفين تتحدث عن مسؤولية «الاجيال القادمة» وتعتقد ان الصراع ازلي وان السلام مستحيل.

لدى الفلسطينيين امكانيات هائلة للصمود وعدم الاستسلام على رأسها انهم يعيشون تحت الاحتلال، وانه لا يمكن القبول بهذا الاحتلال، وهم يعيشون حالة صعبة جعلت الحياة والموت يقتربان من بعضهما البعض في ذهنية الكثير من الشباب الفلسطيني. والتجربة اثبتت قدرة هائلة للصمود لدى الفلسطينيين رغم سلسلة المذابح والقتل الجماعي التي مارستها اسرائيل لسنوات طويلة.

في الطرف الآخر لدى الاسرائيليين قدرة هائلة على الصمود، فاسرائيل تملك التفوق العسكري الذي تدعمه اكبر قوة في العالم وهي الولايات المتحدة. واسرائيل تعتمد في قوتها السياسية والعسكرية على قوى ضغط يهودية داخل اميركا تستطيع تأديب اي سياسي اميركي لو حاول فك الارتباط مع اسرائيل بما في ذلك الرؤساء الاميركان، حتى ان اي تصريح «متوازن» تجاه الصراع يضطر صاحبه الى الاعتذار في اليوم التالي.

هذه المعادلة في الصراع تحتاج الى معالجة دقيقة، فاسرائيل يحكمها يمين متطرف يرفض السلام من حيث المبدأ، والفلسطينيون الرافضون للسلام يعتمدون على قضية جوهرية وهي استمرار الاحتلال الذي هو اساس الصراع وجوهره. واذا نجحت خريطة الطريق في خلخلة المعادلة السياسية الداخلية في اسرائيل وداخل الفلسطينيين فسيكون الامل في السلام حقيقة عن طريق تشجيع قوى السلام، وهي مهمة تحتاج الى الكثير من الجدية من اطراف عديدة معظمها غائب مع الاسف، وعلى رأس الغائبين مؤسسات المجتمع المدني العربية والمثقفون من دون الدخول في لعبة التخوين.