العضاض!

TT

من الأقوال القديمة التي يستمع اليها طلاب الصحافة أثناء تدريبهم على الكتابة الصحافية لأول مرة ذلك القول الذي يورده المدرب ليدل به على الخبر الصحافي المثير والمشوق لقارئ الصحيفة، وهو أنه ليس من التشوق والاثارة في شيء اذا قرأنا خبراً بأن كلباً عض انساناً، أما الخبر الصحافي الباعث على الاثارة والتشويق بالفعل فهو الذي يفيد بأن انساناً شوهد وهو يعض كلباً.

الغريب في أمر العالم الذي نعيش فيه الآن، هو أن الشيء النادر الحدوث أصبحنا نراه يحدث وعلى نحو متكرر، وأن الشيء غير العادي أصبح عادياً ومعتاداً، فعلى سبيل المثال تشهد مدينة نيويورك الأمريكية زيادة في أعداد البشر الذين يعضون بعضهم البعض أكثر من أعداد البشر الذين يتعرضون للعض من الكلاب أو الفئران أو القطط.

قام أحد مراكز الاحصاء المعتمدة في مدينة نيويورك ببحث ودراسة ظاهرة عض الانسان لأخيه الانسان التي انتشرت بصورة تسترعي الانتباه، وأفادت الاحصاءات بأنه في العام الماضي وقعت أحداث عض بين مواطنين أمريكيين بلغ عددها 3207 حالات عض، وهو أعلى من الرقم الذي يمثل حوادث عض تعرض لها مواطنو مدينة نيويورك من قبل الفئران أو القطط أو الكلاب خلال الفترة نفسها.

ظاهرة عض الانسان لأخيه الانسان في مدينة نيويورك الأمريكية هل تشير الى أن هناك عنفاً من نوع جديد بدأ يتشكل في المدينة الأمريكية ذات العيون الخضراء الالكترونية، وهل هذا العنف الجديد يمكن أن تصفه بعنف العاجز الذي لا يستطيع حمل مسدس أو الامساك بسكين؟

يجدر الذكر أن الذين ينظرون الى عض الانسان لأخيه الانسان على أنها مسألة ليس فيها خطورة هم بالقطع مخطئون، فقد ثبت علمياً أن عض الانسان لأخيه الانسان لا يقل خطورة عن عض الكلب للانسان، لأن الانسان يحمل جراثيم كثيرة يمكن أن تسبب أخطاراً أو أمراضاً كثيرة. واذا كان علاج عضة الانسان تختلف عن علاج عضة الحيوان فان الخطر في الحالين موجود بل قد تكون عضة الانسان أكثر خطورة اذا ما نقلت للمصاب فيروس العصر «الايدز».

ان من يقرأ هذا كله يظن أننا نعيش في عالم خيالي.. أو فيلم من أفلام الرعب التي تفرزها هوليوود كل يوم.