وا.. إصلاحاه

TT

العجوز العراقي الذي تناولته المحطات الفضائية المختلفة وهو ينهال بحذائه ضربا على صورة الطاغية صدام حسين وهو يصيح باكيا: (لو تدرون شنو سوى بالعراق وابناء العراق) اتمنى من امين عام جامعة الدول العربية عمرو موسى ان يوجه له الدعوة ليكون ضيفا ومتحدثا امام القادة العرب في مؤتمر قمتهم القادمة، اذا كتب لهم ان يجتمعوا ثانية!

الشخصية الثانية التي اتمنى من الامين العام ان يدعوها هي شخصية الشاب السعودي الذي لم يبلغ الخمسة وعشرين ربيعا من العمر، وخلال تلك السنوات مزقته واضاعته الاراء العجيبة حتى عادى الجميع ولم يبق له الا البعض من بني قبيلته!

هذان يمثلان نموذجا فارقا في مجال التكوين الشعبي الموجود بالعالم العربي المعاصر. كهول قضوا اعمارهم مكبلين، محتلين مسلوبي الارادة يحكمهم طغاة منعوهم من الحلم والامل فأصبحوا عبيدا بلا كرامة. وشبان زرعت في نفوسهم الكراهية والعصبية والبغضاء عبر وسائل التنفير والتكريه والتكفير وهي جميعا ولا شك وسائل عاجزة اقيمت على ابناء العرب عبر الاجيال تارة من الحاكم باسم «الشعب» وتارة من عالم الدين باسم «الله». الحرية طريقها واضح وصريح لا يدخل فيها وسائل القمع والتعذيب التي اتبعت وتفوقت فيها الانظمة السياسية العربية تماما كما ان الدين الاسلامي بني على السماحة والوسطية والتيسير والترغيب جاعلا اياه الهدى والرحمة للعالمين بدون استثناء لا «لابناء الجزيرة» منه فقط!

هذان «الضيفان» بروايتهما عن تجربتهما كلا على حدة بجوانبها الدرامية الهامة سيكونان بمثابة جرس انذار لايقاظ الضمير العربي المسؤول. انذار من شأنه ان يعيد المنطق للعقول والكرامة للنفوس والحياة للضمائر. فلنجعل تلك الصورتين البشعتين هما اسفل القاع الذي يجب علينا النهوض للاعلى منه فلنجعلهما الهدف الرئيسي من نهج الاصلاح.

لقد تزايدت اخيرا الاصوات المنادية بالاصلاح في العالم العربي، فبين مؤتمرات تنادي بالتعددية ومذكرات تطالب بالاصلاح ونشرات تبين ضرورة المشاركة ومنتديات حوارية معلنة وغير معلنة جميعها تستغيث وتصرخ منادية بالاصلاح.

ولقد رأينا اخيرا وثائق اصلاحية تقدم في السعودية واخرى في الكويت وكذلك في سورية اضافة الى خطابات ومؤتمرات في الاردن ومصر ولبنان واليمن والسودان جميعها تطالب بالاصلاح، وذات الشيء في المغرب وتونس والجزائر وطبعا اضافة الى مسرح الاصلاح العلني المنقول على الهواء مباشرة في العراق، بل لقد وصل الامر الى فلسطين المحتلة فارتفعت الاصوات تطالب بالاصلاح داخل السلطة الوطنية.

الاصلاح الشامل هو طوق نجاة وبلسم امان وطريق للم الشمل وتوحيد الصف لغاية واحدة ودونه ستبقى الثغرات مفتوحة داخل الجدران الوطنية متيحة الفرصة لان يعبث بها باسم الاصلاح.

[email protected]