أمريكا.. وأوروبا!

TT

تصدر دور النشر العالمية كل يوم العشرات من الكتب التي تلقي الضوء على الحرب التي شنتها أمريكا على العراق، والتي ألقت بظلالها القاتمة على علاقات الدول بعضها ببعض، وعلى اهتزاز الكثير من القيم والمفاهيم والمصطلحات التي سادت لحقب طويلة في عالم السياسة الدولية، ويبدو أن الانقسام في الرأي الذي حدث بين أمريكا وبعض الدول الأوروبية مثل ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وروسيا حول الموقف من الأزمة الأمريكية العراقية والذي أثار العديد من النقاش والجدل في الأوساط السياسية والفكرية في مختلف دول العالم، قد أسفر عنه صدور كتب تكشف عن أن مرحلة جديدة في العلاقات بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية في سبيلها إلى التكون.

من بين الكتب التي تعد بمثابة إعلان عن التغيير الحادث في العلاقة بين الولايات المتحدة الأمريكية، وأوروبا والتي تبعث بنداء إلى العالم كله لتبين حقيقة هذه العلاقة، كتاب «الحديث عن الجنة والقوة» للكاتب روبرت كيجان الذي يقول دعنا نتوقف عن التظاهر بأن الأوروبيين والأمريكيين على اتفاق في النظرة العامة الشاملة للعالم، حتى ولو كانوا يعيشون تحت سماء عالم واحد.

وأشار روبرت كيجان في بداية كتابه إلى الاختلافات الواضحة بين أمريكا وأوروبا من حيث أن أمريكا تسارع باستخدام القوة العسكرية ولا تتحلى بالصبر مع الدبلوماسية وتلجأ دائماً إلى رشوة أنظمة الحكم الأخرى بالمال حتى تتبنى الموقف الذي تتبناه، أو تهددها بالعقاب إذا لم تؤيد وجهة نظرها، وعلى الناحية الأخرى تقف أوروبا التي تعول كثيرا على الدبلوماسية وتنظر كثيرا في التاريخ للاستفادة منه في إيجاد أسلوب لحل النزاعات.

كما أوضح كيجان أنه إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية تتصرف وتنتهج سياسات عنيفة من منطلق أنها الدولة الأقوى في العالم مثلما كانت تفعل الدول الأوروبية في الماضي عندما حكمت العالم ونشرت امبراطورياتها في كل اتجاه فإن أوروبا الآن تعتمد الحل الدبلوماسي والأسلوب المتعدد الجوانب لمجلس الأمن الذي تعتبره البديل للقوة التي يفتقدون إليها في مواجهة القطب الأوحد أمريكا.

حديث الكتاب عن القوة يعني الولايات المتحدة الأمريكية، أما الحديث عن الجنة فيقصد به المؤلف الدول الأوروبية التي استطاعت، على حد رأي المؤلف روبرت كيجان أن تصبح جنة بعد سنوات ليست بالطويلة من الحرب العالمية الثانية.