أزمة المواقف المبدئية

TT

هناك فرق كبير بين الموقف المبدئي والمزايدة السياسية المكشوفة. وبالتأكيد فان الموقف اللبناني الذي عبر عنه وزير الاقتصاد والتجارة لا يمكن ان يصب في خانة الموقف المبدئي، فهو يعلن رفض لبنان المشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي في الاردن لان لبنان على حد قوله «لا يمكن ان يشارك في اي مكان يكون فيه تسلل اسرائيلي». ويضيف بان «موقفنا نحن والسوريين صامد»!!

اذا كان هذا الموقف اللبناني موقفا مبدئيا ومسألة صمود فكيف يفسر لنا الوزير اللبناني مشاركة وزراء الخارجية العرب في المؤتمر، وهل يعني ذلك ان الامين العام للجامعة العربية والامين العام لمجلس التعاون والسادة احمد ماهر وحمد بن جاسم ومروان المعشر كلهم خارج حكاية «الصمود» وضد المواقف المبدئية؟ واذا كان هذا الامر ينطبق على كل هؤلاء فما هو التفسير اللبناني لمشاركة نبيل شعث ممثلا للفلسطينيين في المؤتمر، وهل هناك من هو فلسطيني اكثر من الفلسطينيين؟

كلام الوزير اللبناني ستقرأه بعض التنظيمات العربية وبعض الجماعات الصغيرة التي ما زالت تدغدغ عواطفها المواجهات الكلامية، لكن هذا الكلام سيقرأه العالم كله ايضا، ستقرأه اربعون دولة مشاركة في المنتدى الاقتصادي العالمي ومئات الشخصيات الاقتصادية العالمية البارزة ووزراء مالية اثنتي عشرة دولة، بينهم وزراء تجارة اكبر دول في العالم، وربما يتساءل هؤلاء وغيرهم عن مصلحة لبنان واين تكمن، ولماذا لا يفكر اللبنانيون بمصلحة بلدهم بعيدا عن الشعارات الفضفاضة.

مؤسف اننا ما زلنا نفكر بعقلية انتقائية، واحيانا نخوض حروبا ليست حروبنا، ومواقف ليست مواقفنا، ونوافق على ان نكون اعضاء في الامم المتحدة وجميع المنظمات الدولية المتفرعة عنها حيث توجد اسرائيل، بل وندخل في مفاوضات مباشرة وغير مباشرة مع الاسرائيليين، وترتفع اعلام اسرائيل في عواصم عربية عديدة، حتى اذا عقد مؤتمر اقتصادي عالمي اعتبرنا مشاركتنا فيه مع اسرائيل قضية مبدئية، وهو امر يحتاج الى اعادة نظر في طريقة تفكيرنا وسلوكنا.

ليس هناك اجمل من الوضوح والصراحة وعدم الكيل بمكيالين، واسرائيل ما زالت عدوا يحتل ارضنا ويعيث فسادا فيها، لكن طريقة مواجهة اسرائيل تحتاج الى عمل جاد بعيدا عن الاستعراض والشعارات البراقة.