من المنتصر في العراق؟

TT

تجوالي في العراق يقودني الى انطباع أن الطرف الذي كسب في نهاية الامر هم الاصوليون. ان عملية القتل التي راح ضحيتها المواطن العراقي صباح غزالي داخل متجره تلقي بعض الضوء على طبيعة الدولة الجديدة التي يريدها بعض العراقيين. اثناء حكم صدام حسين كان مسموحا للمسيحيين، مثل صباح غزالي، بيع الكحول، وكانوا يتمتعون بحماية تامة. إلا ان الاصوليين بدأوا في الآونة الاخيرة يهددون بقتل كل من يبيع الكحول. والشهر الماضي كان صباح غزالي ثاني صاحب محل لبيع الكحول يلقى مصرعه بواسطة مسلحين في نفس الصباح.

وبينما يأمل الرئيس بوش ان يتحول العراق الى نموذج ساطع للديمقراطية، وهذا احتمال وارد حتى الآن، إلا ان الاصوليين الشيعة هم الذين يحققون مكاسب ويفرضون بعض السيطرة في الوقت الراهن، بل ان الوضع الحالي ينذر بفرض ستار حديدي على العراق بواسطة الاصوليين على نحو يهدد ايضا بعواقب سلبية بالنسبة للمرأة العراقية. ففي مدينة البصرة، مثلا، طلب الاسلاميون من ادارة الجامعة فصل الطلاب عن الطالبات.

تقول طالبة تدرس هندسة الكمبيوتر بجامعة البصرة ان كل النساء في المدينة يشعرن بالخوف. وتضيف انها لم تكن ترتدي الحجاب في السابق، إلا ان والدها طلب منها عقب سقوط نظام صدام حسين ارتداء الحجاب داخل حرم الجامعة «تجنبا للمشاكل».

اما عبد الكريم العنزي، قائد حزب الدعوة الذي بدأ يكسب تأييدا متزايدا في انحاء العراق، فيقول ان «الديمقراطية تعني اختيار ما يريده الشعب العراقي لا ما يريده الغرب».

ويمكن القول ان رموزا مثل العنزي تركت تأثيرا في قرى جنوب العراق اكبر من تأثير الشخصيات المسنودة من الولايات المتحدة مثل احمد الجلبي. ففي الوقت الذي كان الجلبي يتناول فيه الغداء في لندن، كان العنزي يخاطر بحياته بتنفيذه مهام استطلاعية داخل العراق لمصلحة حزب الدعوة بعد ان تسلل الى العراق من داخل ايران. وقد نفذ النظام العراقي السابق حكم الاعدام في اربعة اشقاء وشقيقة للعنزي الذي صدر بحقه هو ايضا حكم غيابي بالإعدام عام 1979، كما سبق ان اعتقل داخل العراق عندما كان في مهمة استطلاعية، إلا ان السلطات لم تتعرف عليه وأطلق سراحه بعد شهر تقريبا. ومن واقع تجربتي الشخصية معه، وجدت في العنزي شخصا شجاعا ومحبوبا ومحافظا.

* ترى، ما الذي ينبغي عمله ازاء هذا الوضع؟

ـ للأسف، ليس هناك الكثير مما يمكن عمله للحد من هذا النشاط الاصولي المتزايد في العراق، إلا ان استمرار ما بدأ، وإقامة نظام قضائي مستقر في العراق، يمكن ان يساعدا في هذا الشأن. لكن الولايات المتحدة ستزيد الاوضاع سوءا في ما يبدو بمداهمة القوات الاميركية لمكاتب آية الله محمد باقر الحكيم، الذي كان يدير منظمة مناوئة لحكم الرئيس العراقي السابق من منفاه في ايران. فمثل هذه الاجراءات تجاه الحكيم، الذي تبنى في السابق إقامة حكومة اسلامية في العراق، ستؤدي الى نتائج عكسية وتعزز من شرعيته وتجعل اتباعه اكثر تشددا.

* خدمة «نيويورك تايمز»