فن الخسارة

TT

في البداية اود الاعتراف انني لم اكن من المعجبين بآل غور. فقد كان نائب الرئيس يبدو لي دائما اقل من مخلص.

وقد بدا هذا الجانب في شخصيته في رسالة الاعتراف بالهزيمة. فلم يستخدم غور فيها كلمة «المنتخب» مرة واحدة. وقال بدلا من ذلك ان جورج بوش الابن «ورث» الرئاسة او «اصبح الرئيس». وكان الانطباع ان غور، وليس بوش قد فاز في الانتخابات ولكن بوش، وليس غور، هو الذي اصبح رئيسا. كما اشار ايضا الى ان بوش قد فاز بالرئاسة فقط عن طريق تدخل المحكمة العليا الاميركية، على الرغم من ان المحكمة اصدرت وجهة نظر غامضة تشير الى انه يبدو ان غور اطال المبارزة الانتخابية.

وبالرغم من ذلك فإن خطاب غور الذي اعلن فيه اعترافه بالهزيمة اوضح ان السياسيين الاميركيين يتعلمون كيفية تقبل الخسارة. وهم يتعلمون معرفة اللحظة التي يجب ان يبتعدوا فيها عن الساحة السياسية.

فقد ذكر بوب دول المرشح الجمهوري الذي خسر امام كلينتون في عام 1996 «بعدما خسرت، نمت مثل الاطفال. وكنت استيقظ كل ساعتين وابكي!».

ويتذكر الرئيس الاسبق جورج بوش الاب خسارته امام كلينتون عام 1992 على اعتبار انها «لحظة احباط مكثف». غير ان الرجلين لم يفكرا للحظة في تحدي نتائج الانتخابات.

ويمكن القول ان السياسة الاميركية، فيما عدا بعض الحالات، لا تؤدي الى كراهية دائمة. فحتى اكثر الشخصيات السياسية تنافسا يتعلمون على العمل معا او على الاقل ان يكونوا مهذبين مع بعضهم الاخر. وأحد الاسباب هي انه لا توجد شخصية سياسية اميركية لم تتعرض للهزيمة خلال مرحلة ما من تاريخها. وحتى الرئيس المنتخب بوش، الذي تعتبر حياته السياسية قصيرة نسبيا، لا يزال يتذكر هزيمته في انتخابات محلية في تكساس قبل عشرين سنة.

ان عدم صعوبة قبول السياسيين الاميركيين للهزيمة هو ان ما يخسرونه ليس الا مجرد مناسبة. ان الخاسر، يمكن بل ويأتي دائما مرة اخرى ليكسب ما خسره. فقد سقط ريتشارد نيكسون وخرج، فيما يبدو من العمل السياسي في منتصف الستينات عندما فشل في الفوز بمنصب حاكم ولاية كاليفورنيا، وهي ولاية جمهورية انذاك. وبعد ثلاث سنوات، عاد للفوز برئاسة الولايات المتحدة.

ولم يعتقد احد في الولايات المتحدة انه يملك حقا دائما في السلطة. وهذا يمكن الناخب الاميركي من الحط من قدر اعتى رجال السياسة قبل ان يسمح لهم بممارسة السلطة. وكان هاري ترومن يحب القول انه يقيس حجم السياسي بسلوكه في لحظة الهزيمة وليس في لحظة الانتصار. والمنطق وراء ذلك هو ان الرجل الذي يعلم كيف يتعامل مع الهزيمة بلياقة وحكمة سيكون افضل بكثير عند التعامل مع الانتصار.

ويوجد للشاعرة الاميركية اليزابيث بيشوب شطر تقول فيه «ليس من الصعب السيطرة على فن الخسارة! ربما تكون هذه هي القضية بالنسبة للاميركيين الذين يعرفون ان الخسارة السياسية لا تعني خسارة كل شيء. وفي اجزاء كثيرة اخرى من العالم يمكن ان تعني الخسارة السياسية خسارة الكرامة والحرية والمأوى بل والحياة نفسها. يمكن للمرء ان يكون خاسرا جيدا فقط في اطار الحرية وحكم القانون.