الدين والوطنية والسياسة

TT

تقاطعت اضلاع هذا المثلث في حياة الناس، في المسجد والبيت والشارع، وازدادت

تشابكا كما رأيتها في مقابلة والد الفقعسي المتهم ابنه بانه زعيم الخلية التي نفذت الانفجارات الثلاثة في الرياض. وهي الاعتداءات التي هزت الوسط المحلي وارتدى فاعلوها دعاوى دينية من اجل تبريرها، وهي مبررات لم تقنع اكثر الناس بعد ان شاهدوا عيانا دماءها وجنازاتها. ان احدا لا يرضى بالجريمة على ارض بلده وهذه حقيقة.

هذا مواطن بسيط، كوالد المتهم، لا بد انه عاجز عن فهم اسباب تورط ابنه في قضية مشينة محليا حتى في اصغر حلقاتها، أي مثل بلدته رغدان المعروفة بغابتها واحراشها وكونها قبلة السياح المحليين. لكن تورط علي الفقعسي جاء نتيجة لتعقيدات اليوم ومنها سوء استخدام المسجد والدين والدعوة في العمل السياسي المعارض، الرافض للوطنية والرافض لحرمة الناس ودمائهم مهما كانت اجناسهم ودياناتهم. بل ولا بد ان الحال مشابهة لأهل زوجته من المغرب حيث لا بد انهم مصدومون وابنتهم هي الاخرى في نفس القارب الغريب.

وحتى لا نحصر تقاطعات الدين بالوطنية مع السياسة في الموضوع العام جدا والخطير

جدا، فهو موجود في الموضوع الخاص والعادي جدا. هذه رسالة بعث بها قارئ يطلب مني

تفهم مشكلته، وقد عدلتها بما لا يشير الى هويته. يقول أخي في الله الأستاذ عبد الرحمن الراشد، سبق وقدر الله وهجرتني زوجتي وأم أطفالي من اجل الزواج من آخر... وهذه قصة يطول شرحها.. وبعد الطلاق بقيت والأبناء والبنات نصارع الحياة حتى استقدمت عاملتين منزليتين من الفلبين وهما مسيحيتان.. وقد اعانتاني كثيرا ونظمتا حياتنا واعتنتا بأطفالي..

سافرت احداهما إلى بلدها وبقيت الثانية معنا سبع سنوات ثم قررت ان تدخل الاسلام. خلال السنوات تلك تزوجت بسعودية لكن لم تكمل الشهر لدينا إلا وتأكدت بما لا يدع مجالا للشك أنها ليست صالحة اما لبناتي.. المهم طلقتها.

نعود للفلبينية.. فبعد إسلامها غضب اهلها فقاطعوها وأحد إخوانها هددها بالقتل إذا لم ترتد عن الإسلام.

عندما لمست ثباتها ولله الحمد أحببت ان أؤكد وقوفي معها ففاتحتها بالزواج فلم تمانع، وذهبنا إلى مصر وعقدنا زواجا شرعيا على سنة الله ورسوله الا انني لم آخذ تصريحا بالموافقة من الداخلية بذلك لضيق الوقت.. وعند العودة اشهرت الزواج وعندما حملت طلبت ان تلد في بلدها لدى خالتها الطيبة، وفعلا رزقها الله ببنت.

وأصبحت اذهب بين الحين والآخر لزيارتهم لكن عندما وددت العودة بهم رفضت السفارة

متعللة بعدم وجود موافقة رسمية.

انتهت قصته، وهي تبدو حالة سهلة في مجتمع يزداد تشابكا وفي عالم يزداد عنفا، لكنها تعبر عن الديني والوطني والسياسي. ففي اعتقاده لانها اسلمت صار لزاما ان تلحق به وباطفاله، في حين ان اهل السياسة في قلق دائم من الاختلاطات الاجتماعية وغير متحمسين لها. انما الحقيقة اننا في عالم اليوم الاشتباكات حتمية ولا فكاك منها الا بتخليص المتفجر منها.

[email protected]