الضحية الأبدية

TT

استيقظ خافيير سولانا منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ليجد نفسه في مرمى النار الأميركية، حيث هاجمه، قبل أيام، عدد من أعضاء الكونغرس الأميركي، لأنه حاول أن ينفي المزاعم بأن معاداة السامية تجد رواجًا في أوروبا.

في الواقع كان سولانا واحدًا من ثلاثة أهداف تتعرّض للضرب بأسواط اللاسامية، التي لم تعد تسهر على إبقاء فكرة «الضحية الأبدية» ماثلة في الوجدان العالمي فحسب، بل انها تقوم على احراج معارضي السياسات الإسرائيلية والصهيونية وترويعهم ثقافيًا وسيكولوجيًا، من خلال القول إنهم يعارضون السامية. وهي تهمة تتجاوز العنصرية في أذهان الكثيرين بسبب جرائم النازيين الوحشية ضد اليهود.

إلى جانب سولانا، وجد مركز الشيخ زايد للتنسيق والمتابعة والدراسات أن الحملة الصهيونية تتصاعد ضده، في سعي واضح إلى إعاقة نشاطاته البحثية والدراسية. وكانت هذه الحملة قد انطلقت عبر رسالة من معهد بحوث إعلام الشرق الأوسط والمؤسسات اليهودية في العالم، انتقدت استضافته «شخصيات معادية للسامية».

من أين جاءت هذه التهمة؟

صدّق أو لا تصدّق، جاءت انطلاقًا من استضافة المركز الدكتورة أميمة الجلاهمة أستاذة الدراسات الإسلامية في جامعة الملك فيصل في الرياض، التي ألقت محاضرة بحثية عن «واقع المرأة اليهودية في إسرائيل». وهي واحدة من عشرات المحاضرات التي ينظمها المركز على أسس أكاديمية وعلمية تتصف بالموضوعية والحياد.

ومن المعروف أن مركز الشيخ زايد يعمل من خلال الجامعة العربية، وهو منتدى فكري مفتوح لكل الآراء ومن منطلق بحثي بعيد عن الأهواء والغايات الشخصية، وسبق أن نظّم محاضرات لشخصيات دولية بينها جيمي كارتر وآل غور وجيمس بيكر وكورت فالدهايم.

إذاً ثمة محاولة صهيونية لتلطيخ سمعة المركز أمام الرأي العام، بحيث تُسدّ عليه فرص استضافة المزيد من الشخصيات العالمية مما يعوق نشاطه ويقلل من أهميته كمنتدى حواري عربي ذي صدقية.

إلى جانب سولانا ومركز الشيخ زايد، وجدت الكنيسة الكاثوليكية الأوروبية أنها تكرارًا في مرمى النيران الصهيونية. لماذا؟ لأن «المؤتمر اليهودي العالمي» يزعم أن موجة معاداة السامية تتزايد في أوروبا، وان من الضروري مواجهة ذلك بالعودة إلى ترويج مضمون البيانين اللذين صدرا عن مؤتمري الأساقفة الفرنسيين والألمان قبل 12 عاماً، وتضمنا اعتذاراً علنياً لأن الأساقفة لم يبذلوا جهودًا كافية لمساعدة اليهود وحمايتهم من النازية!!

من يحدد هذه الجهود؟

طبعاً الصهيونية. ومن المثير أن إسرائيل سنجر رئيس المؤتمر اليهودي، بحث هذا الموضوع مع البابا يوحنا بولس الثاني وخرج ليقول: «نريد أن نجعل كل مؤتمر للأساقفة يتحدث ضد معاداة السامية. وسنذهب إلى كل مكان».

وما تواجهه الكنيسة الكاثوليكية تواجهه الحكومات الأوروبية ايضاً هذه الأيام، ليبقى الحديث عن «الضحية الأبدية»، أما ضحايا اليوم الذين قتلهم آرييل شارون فمسألة فيها نظر.