صدام يخاطبكم من قبره

TT

لو كنت من المغرقين في الايمان بتفاسير نظرية المؤامرة لقلت ان الاميركيين هم الذين اخرجوه من قبوه او نبشوا قبره في تكريت. هم الذين جاءوا له بكرسي وطاولة، ووضعوا امامه ميكروفونا، هم الذين امروه بأن يسجل كلمة للشعب، ولا بد انهم طلبوا منه اضافة عبارات التخويف والوعيد المشهور بها، وبعد نهاية التسجيل بعثوا بها الى كل المحطات المعنية.

لو كنت من تلاميذ المدرسة المؤامراتية لصدقت ان الاميركيين هم الذين فعلوها، لماذا؟ لسبب واحد وهو: من الذي يخاف من ظهور صدام؟ الاميركيون؟ قطعا لا، فهم لم يخشوه حتى عندما كان قائدا لمليون جندي وجالسا على عرش بغداد. الذي يخاف صدام هم العراقيون الذي لم تفارقهم كوابيسه حتى بعد سقوط ثلاثة آلاف من تماثيله ونهب قصوره.

بظهور شبح صدام واذاعة صوته سيلتف العراقيون حول قوات التحالف اكثر من أي وقت مضى ظنا انها السد الوحيد امام عودة الديكتاتور الذي لم يترك مكانا لم يحفر فيه مقبرة جماعية لمواطنيه عبرة لمن يفكر في الوقوف ضده.

وقد يقلل البعض من اهمية صدام بعد تفتيت جيوشه، واعتقال قادته، وتفكك عائلته، هذا صحيح للعارفين لكن مثل هذه الخاطرة ليست حاضرة في ذهن عامة العراقيين. ها هو احد الذين اضرموا النار في مبنى حكومي في الايام الأولى لسقوط النظام يرد على سؤال لأحد المذيعين حول فعلته، قال: «نحرقها لاننا لا نريد صدام ان يرجع، فهو جني وعارفين انه سيرجع». اذا كان صدام جنيا فان شريط التسجيل الذي بث امس بصوته يدلل على ان الجني على وشك ان يعود، هذا ظن كثيرين يخشونه، اما انا ما زلت مصرا على ظني بأنه يسكن مترا تحت الارض، أي مدفون في قبره، لكن من يدري الحقيقة؟

ظهور صوت صدام دليل مهم، مع ان تقليد الاصوات ليس امرا نادرا وعليكم بمراجعة مسرحية عبد الحسين عبد الرضا الشهيرة التي قام فيها بدور صدام. وانا لا ازعم ان هذا صوت الفنان عبد الحسين لكنه بالتأكيد في عقل العراقيين سيكون صوت الرعب، صوت ربع قرن من الخوف، فهل مع ظهور صوته سيكون حظ الاميركيين افضل خاصة في المعركة القائمة حول وجودهم في المرحلة الحالية.