في سوريا هناك اتجاه لفصل المؤسسات العامة عن عضوية حزب البعث الحاكم. وفي الجزائر تم اطلاق سراح عباسي مدني وعلي بن حاج. وفي ليبيا تحدثت صحيفة يومية لاول مرة عن المسؤولين الليبيين الفاسدين الذين سرقوا اموال الشعب.
الجمع في سوريا بين المنصب القيادي للدولة والجهاز الوظيفي وبين المنصب الحزبي خلق حالة من هجرة الكفاءات، ووصول قيادات لا تمتلك العلم والخبرة، ولا يشفع لها سوى انتمائها الحزبي، وأدى الامر في سوريا، كما هو الحال في دول الحزب الواحد، الى ان تضيع الفواصل بين الالتزام بمهمة اداء العمل بكفاءة وبين العلاقات الحزبية، مما ادى الى استغلال المنصب الحكومي بحجة الانتماء الحزبي.
اطلاق سراح مدني وبن حاج في الجزائر هو خطوة في الاتجاه الصحيح، فالاختناق السياسي يحتاج الى معالجة حكيمة من الجميع، والجزائر تواجه مأساة انسانية ادت الى قتل وجرح الاف الجزائريين على يد جزائريين، واستطاع الارهاب ان يوقف تنمية المجتمع وان يوقف حركة الحياة، وان يدفع الاف الكفاءات الى هجرة وطنها. وقد استثمر الارهاب حكم الحزب الواحد وسيطرة الجيش على مقدرات الحياة المدنية فراح يعيث فسادا وقتلا للابرياء في قرى الجزائر. ولا شك ان اطلاق سراح مدني وبن حاج هو خطوة في الاتجاه الصحيح، وتتطلب من الرجلين ان يساهما في تعزيز المسيرة السلمية لبلد مثخن بالجراح ولا يحتمل مزيدا من اراقة الدماء.
في ليبيا تحدثت صحيفة رسمية بشكل علني عن الفساد، وقالت «الزحف الاخضر» بالنص ان «الثوريين الخونة الذين استولوا على اموال الشعب الليبي وعاثوا في الارض فسادا لا بد من محاسبتهم حساباً عسيراً، لقد تحولوا الى تجار وسماسرة ومهربين واستولوا على المال العام وقسموه بينهم وكأنه غنيمة، واستولوا على الغابات والمشاريع الزراعية وحولوها الى استراحات ومزارع.. وتفننوا في اغتصاب حقوق الناس دون خوف او رادع».
والسؤال المطروح اذا كان هذا ما فعله الثوريون فهل ستتم فعلاً محاسبتهم ام انها عملية للتنفيس عن الناس بعد انتشار ظاهرة الفساد بشكل واضح؟
ثلاثة اخبار متفرقة من ثلاث عواصم عربية تستحق المتابعة، واذا حدث ان تم الفصل بين عضوية حزب البعث السوري وبين مؤسسات الدولة، واذا تمت معالجة الاحتقان السياسي في الجزائر، وتم ضرب رموز الفساد فعلاً وليس قولا في ليبيا، فان روح الامل ربما تهزم روح التشاؤم من الوضع العربي الذي يتدهور يوما بعد يوم والجميع يتفرج.