بدأت الحركة ... فهل يكتب لها الاستمرار؟

TT

فرغت اسرائيل من سحب وحداتها العسكرية من قطاع غزة. وتنتقل الرقابة على هذه الاراضي الى اجهزة الامن الفلسطينية. وقد اعلنت عمليا كل من «حماس» و«الجهاد الاسلامي» في آن واحد وقف العمليات المسلحة لمدة ثلاثة اشهر. كما أعلنت «فتح» انضمامها الى الهدنة. أما «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، فقد اعلنت انها وان كانت غير مستعدة لتوقيع الاتفاق الا انها لن تخرق الهدنة.

وهكذا بدأت الحركة وفقا لـ«خريطة الطريق» وهو ما ينبغي الترحيب به. فهل ستستمر هذه الحركة دون توقف؟ وهل من ضامن لعدم التراجع الى الوراء؟. اسئلة تطرح، إذ من الصعب ان يتحلى المرء بالتفاؤل المطلق.

اولا: لم تعلن اسرائيل عن موافقتها على مطالب المجموعات الفلسطينية التي اعلنت الهدنة المؤقتة حول وقف العمليات العسكرية في الاراضي الفلسطينية، والتخلي عن عمليات التصفية الانتقائية للمقاتلين الفلسطينيين، وتدمير القرى الفلسطينية. وبالتالي، فانه يتوجب النضال من اجل تنفيذ كل هذه المطالب. ومن الضروري الاعتراف بان الجانب الاساسي في الامر يتوقف على مدى التزام الفلسطينيين بمراعاة وقف اطلاق النار، ومدى قدرتهم على درء نشاط الانتحاريين. ومع ذلك لا يمكن تجاهل وجود الكثيرين في اسرائيل ممن يعربون عن عدم رضاهم عن التحركات التي بوشر بها بموجب «خريطة الطريق». ومن الواجب، على ما يبدو، ان نتذكر ان رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ومن يحيط به، كان حتى وقت قريب، من الرافضين لاقتراح الهدنة التي كان يصفها بأنها غير مجدية، ويطرح مطالب يستحيل تنفيذها في مثل هذه المرحلة حول تولي السلطات الفلسطينية مسؤولية تصفية العناصر الراديكالية. ان موافقة شارون على بدء العمل بموجب «خريطة الطريق»، في مثل هذه الظروف، لم تكن لتحدث من دون ضغط من جانب الولايات المتحدة. فهل يتواصل مثل هذا الضغط؟

ثانيا: من المعروف ان المرحلة الاولى من «خريطة الطريق» تنص على وقف النشاط الاستيطاني من جانب اسرائيل. ويجب القول ان السلطات الاسرائيلية بدأت بالفعل في تفكيك المستوطنات الاسرائيلية التي اقيمت على الاراضي الفلسطينية «بشكل غير شرعي»، اي تلك التي لم تحصل على اذن سلطات الاحتلال. وتلك خطوة يمكن الترحيب بها، سيما ان قوات الامن الاسرائيلية تقوم بتدمير هذه المستوطنات، على الرغم من مقاومة الذين يعيشون فيها، وهم من العناصر الاكثر رجعية في المجتمع الاسرائيلي، ممن يتمتعون بتأييد الكثيرين من غلاة اليمين في اسرائيل. غير ان عدد المستوطنات غير الشرعية في اسرائيل بالغ الضآلة بالمقارنة مع بقية المستوطنات الاسرائيلية المقامة على الاراضي المحتلة، ومع ذلك لم يتطرق الحديث بعد الى المستوطنات «الشرعية». بالاضافة الى ان اجتماع الحكومة الاسرائيلية الذي عقد برئاسة شارون، قبل اسبوع، اعلن ان اسرائيل سوف تستأنف توسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية لنهر الاردن وفي قطاع غزة. وقد وصف رعنان جيسين مستشار شارون ما نصت عليه «خريطة الطريق» من وقف توسيع المستوطنات، بأنه «غير واقعي».

وهكذا بدأت الحركة، لذلك فالتوقف عندما جرى تحقيقه مسألة مستحيلة، ومن واجب الوسطاء التدخل الدائم. وقد التقى كوفي أنان الامين العام للامم المتحدة كولن باول وزير الخارجية الاميركي وايجور ايفانوف وزير الخارجية الروسي وخافيير سولانا ممثل الاتحاد الاوروبي، مؤخرا في عمان. وبعد اجتماعهم انطلقت الحركة باتجاه «خريطة الطريق» وهو ما يوحي وبكل تأكيد بالكثير من الامال، وان كانت الخريطة قد حددت طريقا طويلا…!.

* رئيس الوزراء الروسي الأسبق