تناقض القوة الأمريكية!

TT

في كتابه «تناقض القوة الأمريكية» يهاجم جوزيف ناي، السياسة الأمريكية خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (ايلول) 2001 ويدعو القائمين عليها الى ترك ضيق الأفق والتعنت والنظر للأمور من جانب واحد، ففي رأيه أن مثل هذه الخصال لن تستطيع حل المشكلات العالمية التي تود الولايات المتحدة التعامل معها مثل الإرهاب والصراعات الإقليمية وحيازة أسلحة الدمار الشامل، ومن ثم على الولايات المتحدة أن تعدل من سياستها تلك.

مؤلف الكتاب جوزيف ناي، الذي كان يعمل مساعداً لوزير الدفاع السابق في حكومة بيل كلينتون وهو الآن عميد جامعة كينيدي في هارفارد، يحاول بكتابه «تناقض القوة الأمريكية» أن يلفت انتباه الحكومة الأمريكية إلى المبادئ التي لا بد أن تحكم توجهاتها في سياساتها الخارجية المستقبلية.

يفرق المؤلف بين نوعين من القوة، القوة الصلبة التي يكون الأساس فيها القوة العسكرية والاقتصادية، والقوة المعتدلة التي تتركز كلياً في الانفتاح والرخاء والقيم المتشابهة التي تقنع وتجذب القوى الأخرى لها بغير إجبار أو إكراه. وعلى غرار أنظمة الكومبيوتر يشبه المؤلف القوة الصلبة والقوة المعتدلة على الترتيب بـ«الهارد وير» الخاص بقطع الكومبيوتر الخاصة بالحفاظ عليه قائماً، و«السوفت وير» الذي هو عبارة عن أسلوب تشغيل تلك القطع والبرامج التي تجعله يتعامل مع كل ما يتلقاه ويخزنه.

يؤكد جوزيف ناي أن أية دولة ذات قوة وهيمنة لابد أن يكون لديها القوة الصلبة والقوة المعتدلة خاصة مع ثورة المعلومات الحالية وعصر العولمة الذي ينادي بالمزيد من استخدام القوة المعتدلة الدبلوماسية أكثر من القوة الصلبة العسكرية، كذلك فإن من الخطورة على الولايات المتحدة أن تخرق المعاهدات والاتفاقيات المصدق عليها من قبل الدول المختلفة وأن تتحدث بلغة القوة فقط.

يستشهد جوزيف ناي برأي ناقد فرنسي مفاده أن ليس هناك في العالم شيء يمكن إنجازه دون مساعدة الولايات المتحدة الأمريكية وذلك في سياق رأيه الذي يوضحه العنوان الثانوي الذي وضعه لكتابه وهو لماذا لا تستطيع الولايات المتحدة التصرف بمفردها طويلاً؟

ويضيف المؤلف بأن الولايات المتحدة تنظر بمنظور واحد فقط وهو منظورها الخاص المعبر عن مصالحها والذي لا يشمل النظر إلى ما يحدث في العالم.

في نهاية الكتاب يحذر المؤلف الحكومة الأمريكية من المصير الذي قد تجد نفسها منساقة إليه والذي يشبه مصير الإمبراطورية الرومانية التي فسدت من داخلها، وذلك للتناقضات الكبيرة الموجودة في سياسات القوة الأمريكية.