تماسك الهدنة الفلسطينية

TT

استمرار الموقف الجماعي الفلسطيني المنضبط بالهدنة يدل على ادراك عميق بالمسؤولية من كافة الاطراف الفلسطينية، ويدل على ان الفلسطينيين يدركون ان مصلحتهم فوق الشعارات، وان الفعل السياسي الرصين هو البديل المعقول لحالة التخوين والتكفير لكل من يحاول انجاح قضية بطريقة ذكية.

الموقف الفلسطيني الجماعي اذا استمر في انضباطه سيؤدي الى نتائج كبيرة في الطرف الاخر، وسيؤدي الى احراج اليمين الاسرائيلي امام جمهوره المنفعل وسيقوي قوى السلام داخل اسرائيل التي ضعفت بشكل دراماتيكي لاسباب كثيرة، واذا احس الاسرائيليون داخل الخط الاخضر بالاطمئنان خلال فترة الهدنة المؤقتة فسيزيد الضغط الشعبي على حكومة شارون لاطلاق مزيد من السجناء الفلسطينيين ولانسحابات من مناطق التماس، وتفكيك لمزيد من المستعمرات وتوجه نحو السلام باعتباره امراً ممكناً وليس مستحيلاً.

اجتماع احزاب المعارضة الاسرائيلية بقيادة شمعون بيريز قبل يومين وطرح شعار اخلاء قطاع غزة من جميع المستعمرات وتنظيفها من المستعمرين هي خطوة كبيرة، والجمهور الاسرائيلي اصبح يدرك ان حماية المستعمرين يكلف الاسرائيليين مئات الملايين من الدولارات ويكلفهم ارواحاً كثيرة من الجيش الاسرائيلي الذي يقوم بمهمة حماية هذه المستوطنات. واذا أدرك الاسرائيليون ان سلاما صعبا مع الفلسطينيين يتضمن انسحاباً من الاراضي الفلسطينية والاعتراف بدولة فلسطينية هو ضمان لامنهم ووقف لحمام الدم المستمر منذ عشرات السنين فقد يؤدي ذلك الى سلام حقيقي في الشرق الاوسط.

على الطرف الفلسطيني ان يتمسك بالهدنة المؤقتة، ومن المحتمل ان تحاول حكومة شارون كسر الهدنة اذا احست ان الضغط السياسي من الجمهور الاسرائيلي سيزداد عليها، ومن هنا فلا بد من دعوة فلسطينية وعربية لاوروبا وامريكا لارسال مراقبين دولين لمراقبة الموقف، وهو الامر الذي رفضته اسرائيل عندما اقترحه الامين العام للامم المتحدة، وبعض الاطراف الاوروبية لان اسرائيل تريد ان تكون الخصم والحكم، ولانها تتخوف من تدويل القضية وخروجها من سيطرة حكومة اسرائيل.

ثبات الموقف الفلسطيني من الهدنة دليل وعي ومسؤولية نتمنى ان تستمر.