هل يجوز لطبيب أن يقرر مصير شخص ؟

TT

قبل عشر سنين تقريبا لمحت توأمين سياميتين في جامعة طهران عندما كنت في احدى قاعاتها المفتوحة استمع الى محاضرة اثناء وقت فراغ على هامش قمة سياسية. ورأيت توأمين سياميتين ايرانيتين، مشابهتين للتوأمين اللتين حزن العالم لوفاتهما أول من امس في عملية الفصل الجراحية الفاشلة. وشد انتباهي، كأي زائر غريب، دخول سياميتين في جامعة، وقفز الى ذهني كأي جاهل بهذه الحالة اسئلة عديدة، كيف تتفق الاختان على اختيار الجامعة، واختيار التخصص، واختيار الفصول الدراسية، واكمال او عدم اكمال الدراسة. لابد انها حياة في غاية التعقيد. سألت احد الزملاء الايرانيين ان يبحث عنهما ويحاورهما فرد علي بحزم، التوأمان لا تتحدثان للاعلام، او هكذا اعتقد. كل طالب في الجامعة يعرفهما ويعتبرهما طالبتين جادتين وعاديتين. رجعت الى لندن والححت عليه حتى ارسل اخيرا مقابلة مصورة معهما في بيتهما نشرناها في مجلة المجلة.

واثارتني الحادثة اكثر بعد وفاة التوأمين الشبيهتين في سنغافورة، فهل كانت العملية ضرورية الى درجة المخاطرة بالقتل؟ خاصة ان نسبة النجاح كانت ضئيلة علميا والمغامرة تجري في حق انسان غير مريض جدا، وان كان مصابا بعاهة جسدية كاتصال الرأسين؟

بشكل عام لنا أن نتساءل في مثل هذه المناسبات التي رأينا مثلها من قبل، هل للاطباء ان يجروا عملية جراحية خطرة لشخص (شخصين) في غير حال خطرة؟ والسؤال الأهم هل يلام الاطباء في وفاة انسان كان في حالة صحية جيدة بسبب سوء تقدير منهم؟

النتيجة نراها على وجوه الذين صدموا بنبأ وفاة التوأمين، رغم ان الموت حق، وكان من بين الاحتمالات الثلاثة التي ذكرت قبل مباشرة عملية الفصل الفاشلة، الى جانب احتمالي النجاح والتلف الدماغي. لكن بمجرد ان وافق الاطباء على اجراء عملية لشخص لا يواجه الموت منحوه الأمل بنجاح العملية مهما قيل من تحذيرات تقليدية.

الظنون اليوم انها لم تكن سوى عملية استعراضية لأطباء يبحثون عن تسجيل ارقام قياسية او نتائج غير مسبوقة تضعهم في صدر الصفحات الاولى مغامرين بحياة الشخصين، وهو أمر يدعو للغضب. وهو ما عكسه احد المتخصصين الذي احتج على زملائه قائلا «ان من واجب الاطباء الحرص على مصلحة مرضاهم. ولذلك وعندما انظر الى هذه العملية بعد وفاة التوأمين، فانني لا استطيع الا ان استنتج ان العملية الجراحية ربما كانت مبتسرة» اي انها حدثت ببدايات مضللة. واشار الى ان الخطأ الكبير في هذه العملية انها لم تكن مستعجلة لأن حياة التوأمين لم تكن في خطر كي تجرى لهما العملية.

فاذا كانت العملية معقدة وعالية الخطورة، وامكانيات الفريق الطبي التجهيزية قيل انها لم تكن على المستوى المطلوب، وحياة التوأمين لم تكن في خطر، إذن أليست هذه حالة أخرى ينحرف فيها الطب نحو مسار الدعاية؟