الصحاف وبيانات القتال!

TT

كان الصحاف نجم النجوم أثناء الحرب على العراق .. وكانت بياناته تثير الضجة والابتسام.. ثم اتضح أن الصحاف كان مجرد أكذوبة كبرى تردد كلاماً إنشائياً لا قيمة له.. فإلى أي مدى يجب احترام الدقة واليقظة في بيانات الحرب!

في مقال نشرته صحيفة «لوموند» الفرنسية بقلم لورانس جيرارد و مارتن فالو جاء فيه أن باتريس بيرتن نائب رئيس تحرير قناة «فرانس انتر» دعا فريقه إلى اليقظة حول تلك الكلمات الأساسية التي تعتبر في الوقت نفسه أدوات للدعاية الإعلامية مثل الشهداء الصليبيين، الضحايا العزل، العدوان الغاشم، الهجمات الغاشمة، القنابل الذكية. كما قامت وسائل الإعلام الفرنسية عموماً بحجب المصطلحات التي تهدف إلى إضفاء صورة وهمية على الحرب كمصطلح خسائر في الأرواح بالنيران الصديقة، والضربات الجراحية لحرب الخليج الأولى عام .1991

ان غياب وجود مصطلحات سياسية صحيحة أثار دهشة آلان راي المحلل بقناة «فرانس انتر»، وبالتالي لاحظ العودة إلى استخدام المصطلحات العسكرية الكلاسيكية مثل عمليات القصف أو النهب، وهي معان متعارف عليها في أوقات الحروب بصفة عامة. كما حرصت وسائل الإعلام على عدم تحويل التقارير المنقولة عن الحرب إلى ما يشبه ألعاب الفيديو المسلية، وكان لا بد من توخي الحذر من أسلوب البيانات العسكرية الحافلة بالعبارات الفنية الموحية بمدلولاتها.

وأدت الحرب ضد العراق إلى بزوغ كلمات مستحدثة أو مميزة قد أتى بعضها ربما في لغة الحوار أو في قائمة الأخبار شبه اليومية التي كان ينقلها آلان راي على قناة «فرانس انتر».. وهذه الكلمات تزودنا بتسلسل دقيق لتطور النزاع في العراق، فمن حرب النفط في يوم الثالث من مارس (اذار) إلى حرب حيوية في يوم الخامس عشر من ابريل (نيسان). أما تعبير الخطوة العملية فقد استخدم في يوم السادس عشر من إبريل لوصف الاتصال الهاتفي الذي قام به جاك شيراك مع جورج بوش.

أيضا عبارة عمليات الدك بالصواريخ التي ابتدعها الصحافيون في فندق فلسطين ببغداد، والمصطلح «الرسالة القوية» المبعوثة لصدام حسين والتي تتمثل في النهاية في تصفية المرسل إليه، وكذلك كلمة «تأمين» التي تعتبر مقبولة باللغة الإنجليزية وباللغة الفرنسية عندما تنطبق على شخص. أما في العراق فكان المزمع تأمين المدينة عن طريق تدميرها بشكل دفاعي خوفاً من حدوث مقاومة. ونستكمل حديثنا غداً بإذن الله.