حكومة كويتية جديدة في منعطف تاريخي

TT

انتهى المهرجان الانتخابي في الكويت بفوز من فاز وسقوط من سقط. والفائز ليس دائما الأفضل، والخاسر ليس بالضرورة غير مستحق، فالناس أمزجة لا مقاييس، وميول لا موازين، والناخب مثل النائب، لا يعرف احدهما الآخر الا ساعة الاختيار.

ولا شك ان الانتخابات الاخيرة أفرزت مجلسا نيابيا مختلفا في الكويت، وهو أفرز بدوره حكومة جديدة مختلفة قادرة على التجاوب مع استحقاقات المرحلة المقبلة، وهو ما ينتظره الجميع من حكومة الشيخ صباح الأحمد الأولى، التي ولدت بيسر وسهولة.

طبعاً الوقت يمر بسرعة، والكرة الآن في ملعب الحكومة التي تضم الكثير من الكفاءات البارزة. واذا ما نجحت في تقديم برنامج جديد ومتطور، فانها بذلك تقدم نفسها الى الكويتيين على انها حكومة للجميع، وعازمة على التصدي للقضايا العالقة، وتحريك عجلة الاقتصاد المتعثرة، واشاعة جو جديد من الأمل والتفاؤل في مسيرة المستقبل. ولعل الخطوة الاولى في هذا المجال تبدأ بتحصين الفريق الوزاري، وتوحيد توجهاته، وتأكيد التزامه بالسياسات الموضوعة، والنهوض بالمهمة الملقاة على عاتقه على افضل وجه. وبديهي ان الكويت لم تعد تتحمل برلمانا منقسما على نفسه، وحكومة تتنازعها الآراء المتضاربة، وانها اليوم في أمس الحاجة الى إحداث تغيير جذري في اسلوب العمل السياسي، بحيث تتعاون السلطتان باخلاص وكفاءة، وتتقدمان بثقة وجرأة الى الخدمة العامة، بعيدا عن التوازنات او المجاملات او اعتبارات الكسب السياسي التي غالبا ما تكون على حساب الوطن.

ان الكويت اليوم امام منعطف تاريخي تكرّس بخيار الفصل بين ولاية العهد ورئاسة الوزارة. ومهما قيل في الاسباب والموجبات والدوافع، فان هذا التغيير فرضه الحرص على مصلحة الكويت، التى تبقى، كما قال الامير الشيخ جابر الاحمد، فوق اي اعتبار.

يبقى القول ان المسؤولية كبيرة جدا، خصوصا في هذا الوقت بالذات، لكن الفرصة سانحة لتحقيق ما عجزت عنه الحكومات السابقة، والرد على التحديات الداخلية والخارجية برفع المستوى الادائي للأجهزة الحكومية بما يتماشى والمتغيرات المتسارعة. والكويتيون الذين ملوا تشكيل حكومات قصيرة العمر، وسئموا من الازمات الوزارية المحكومة بمزاجية اصحابها، ينتظرون الكثير من رئيس وزرائهم الجديد، ويرددون في قرارة نفوسهم ان التغيير بدأ فعلا، وانه لم يعد هناك أي سبب للعودة الى الوراء.

فالحكومة شكلت للمرة الأولى بمواصفات جديدة دون تدخل احد. ورئيسها الذي اصبح متفرغا وغير مثقل بالالتزامات التشاورية والبروتوكولية، قادر على اتخاذ القرارات الجريئة والشجاعة. ولم يعد ينقص سوى الانطلاق بثبات وقوة لتحويل التطلعات والآمال الى واقع ومنجزات.